قالوا: إن أول من قال ذلك حاتم بن عميرة الهَمْدَاني، وكان بَعَثَ ابنيه الحِسْلَ وعاجنة إلى تجارة، فلقي الحِسْلَ قومٌ من بني أسد، فأخذوا ماله وأسروه، وسار عاجنة أياما ثم وقع على مالٍ في طريقه من قبل أن يبلغ موضع مَتْجَره، فأخذه ورجع وقال في ذلك:
كَفَائيِ الله بُعْدَ السَّيْر، إني ... رَأيتُ الخَيْرَ في السفر الْقَرِيبِ
فأسْرَعْتُ الإيابَ بخَيْرِ حالٍ ... إلى حَوْرَاء خُرْعبُةٍ لَعُوبِ
وإني لَيْسَ يَثْنيني إذا ما ... رَحَلتُ سنوحُ شَحَّاج نَعُوب
فلما رجع تباشَر به أهلُه، وانتظروا الحِسْل، فلما جاء إبَّانُه الذي كان يجيء فيه ولم يرجع رَابَهم أمرُهُ، وبعث أبوه أخاً له لم يكن من أمه يقال له شاكر في طلبِه والبحثِ عنه، فلما دنا شاكر من الأرض التي بها الحِسْلُ وكان الحسل عائفاً يَزْجُر الطيرَ فقال:
تُخَبِّرُنيِ بالنجاةِ القَطَاةُ ... وقَوْلُ الْغُرَابِ بها شَاهِدُ
تقول: ألاَ قَدْ دَنَا نَازِحٌ ... فِدَاء له الطرف وَالتَّالِدُ
أخ لم تكُنْ أمُّنَا أمَّهُ ... ولكن أبوُنا أبٌ واحِدُ