هو ذو الوَدَعَات، واسمه يزيد بن ثَرْوَان أحدُ بني قيس بن ثعلبة، وبلغ من حُمْقه أنه ضلَّ له بَعير، فجعل ينادي: مَنْ وجَد بعيري فهو له، فقيل له: فلم تَنْشُده؟ قال: فأين حلاوة الوجْدَان!؟
ومن حُمْقه أنه اختصمت الطّفاَوَة وبنو رَاسِب إلى عرباض في رجل ادَّعَاه هؤلاء وهؤلاء، فقالت الطفاوة: هذا من عرافتنا، وقالت بنو راسب: بل هو من عرافتنا، ثم قالوا: رضِينَا بأولِ من يطلع علينا، فبينما هم كذلك إذ طلع عليهم هَبَنَّقة، فلما رأوه قالوا: إنَّا لِلَّه! مَنْ طلع علينا؟ فلما دنا قَصُّوا عليه قصتهم، فقال هبنقة: الحُكْمُ عندي في ذلك أن يذهب به إلى نهر البَصْرة فيُلْقَى فيه، فإن كان راسبيا رسَب فيه، وإن كان طفاويا طَفَا، فقال الرجل: لا أريد أن أكون من أحد هذين الحيين، ولا حاجة لي بالديوان.
ومن حُمْقه أنه جعل في عُنُقه قِلادة من وَدَع وعِظامٍ وخَزَف، وهو ذو لحية طويلة، فسُئِل عن ذلك، فقال: لأعرف بها نفسي، ولئلا أضل، فبات ذات ليلة وأخَذَ أخوه قلادتَه فتقلَّدها، فلما أصبح ورأى القلادة في ⦗٢١٨⦘ عنق أخيه قال: يا أخي أنت أنا فمن أنا؟.
ومن حُمْقه أنه كان يرعى غنم أهله فيرعى السِّمَان في العشب ويُنَحِّى المهازيلَ، فقيل له: ويحك! ما تَصْنَع؟ قال: لا أفسد ما أصلحه الله، ولا أصلح ما أفسده، قال الشاعر فيه: