روى أبو هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قَالَ: إن ثلاَثة ⦗٢٩٧⦘ نفرٍ انطلقوا إلى الصحراء، فمَطَرتْهم السماء فَلَجَؤا إلى الكهف في جبلٍ ينتظرون إقْلاَعَ المطر، فبينما هم كذلك إذ هَبَطت صخرة من الجبل وجَثَمَت على باب الغار، فيئسوا من الحياة والنجاة، فَقَالَ أحدهم: لينظر كلُّ واحدٍ منكم إلى أفضل عملٍ عَمِلَه فليذكره ثم لَيَدْعُ الله تعالى عسى أن يَرْحَمَنا وينجينا، فَقَالَ أحدهم: اللهمَ إن كنت تعلم أني كنت بارّاً بوالِديَّ، وكنت آتيهما بغَبُوقهما فيغتبقانه فأتيت ليلةً بغبوقهما، فوجدتهما قد ناما، وكرهت أن أوقظهما، وكرهتُ الرجوعَ، فلم يزل ذاك دأبي حتى طلع الفجر، فإن كنتُ عملتُ ذلك لوجهِكَ فافرج عنا، فمالت الصخرة عن مكانها حتى دخل عليهم الضوء، وقَالَ الآخر: اللهم إنك تعلم أني هَوِيتُ امرأة، ولقيت في شأنها أهوالاً حتى ظفرت بها، وقعدت منها مقعد الرجل من المرأة قَالَت: إنه لاَ يحلُّ لك أن تَفضَّ خاتمي إلاَ بحقه، فقمت عنها، فإن كنتَ تعلم أنه مَا حَمَلَني على ذلك إلاَ مَخَافتُك فافرج عنا، فانفرجت الصخرة حتى لو شاء القوم أن يخرجوا لقدروا، وقَالَ الثالث: اللهم إنك تعلم أني استأجرتُ أجَرَاءَ، فعملوا لي، فوفيتهم أجورهم، إلاَّ رجلاً واحداً ترك أَجْرُهُ عندي وخرج مُغَاضِباً، فربيتُ أجره حتى نما وبلغ مبلغاً، ثم جاء الأجير فطلب أجرته، فقلت: هاك ما ترى من المال، فإن كنت عملت ذلك لك فافرج عنا، فمالت الصخرة وانطلقوا سالمين فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: مَنْ صَدَقَ الله نَجَا، ومعنى "صَدق الله" لقي الله بالصدق، وهو أن يحقق قوله فعلُه.