للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١١٦٧- أَحْمَقُ مِنْ أَبِي غَبْشَانَ.

كان من حديثه أن خُزَاعة حَدَث فيها موت شديد ورُعَاف عَمَّهم بمكة، فخرجوا منها ونزلوا الظَّهْرَان فرفع عنهم ذلك، وكان فيهم رجل يقال له حليل بن حبشية، وكان صاحبَ البيت، وكان له بَنُون وبنت يقال لها حُبَّى، وهي امرأة قصيّ بن كلاب، فمات حليل، وكان أوصى ابنَتَه حُبَّى بالحِجابة وأشْرَك معها أبا غَبْشَان الملكاني، فلما رأى قُصَيُّ بن كلاب أن حليلا قد مات، وبَنُوه غُيَّب، والمفتاحُ في يد امرأته، طلب إليها أن تدفع المفتاح إلى ابنها عبدِ الدار بن قصي، وحمل بنيه على ذلك، فقال: اطلبوا إلى أمكم حجابة جدكم، ولم يزل بها حتى سَلِسَتْ له بذلك، وقالت: كيف أصنع بأبي غَبْشان وهو وَصِيٌّ معي؟ فقال قُصَي: أنا أكفيكِ أمره، فاتفق أن اجتمع أبو غَبْشَان مع قصي في شَرْب بالطائف، فخدَعَه قصي عن مفاتيح الكعبة بأن أسْكَره ثم اشترى المفاتيحَ منه بزِقّ خمر، وأشهد عليه، ودفَع المفاتيح إلى ابنه عبد الدار بن قصي، وطَيَّره إلى مكة، فلما أشرف عبدُ الدار على دور مكة رفع عَقيرته وقال: معاشرَ قريش، هذه مفاتيح بيت أبيكم إسماعيل قد رَدَّها الله عليكم من غير غَدْر ولا ظلم، فأفاق أبو غَبْشَان من سكره أنْدَمَ من الكُسَعي، فقال الناس: ⦗٢١٧⦘ أحمق من أبي غَبْشَان، وأنْدَمُ من أبي غَبْشان، وأخْسَرُ صَفْقَه من أبي غَبْشَان، فذهبت الكلمات كلها أمثالا، وأكْثَر الشعراء فيه القولَ، قال بعضهم:

إذا فَخَرَتْ خُزَاعة في قديم ... وجَدْنا فَخْرَها شُرْبَ الخُمُورِ

وبيعا كَعْبَةَ الرحمنِ حُمْقاً ... بِزِقٍّ، بئس مُفْتَخَرُ الفَخُورِ

وقال آخر:

أبو غَبْشَان أَظْلَمُ من قُصَي ... وأَظْلَمُ من بني فِهْرٍ خُزَاعَهْ

فلا تَلْحُوْا قُصَيّاً في شِراه ... ولوموا شَيْخَكُم أن كان بَاعَهْ

<<  <  ج: ص:  >  >>