٤٤٤٢- أَوْلَمُ مِنَ الأَشعث
هو الأَشعث بن قيس بن مَعْدِ يَكَرِبَ الكِنْدِي.
وكان من حديثه أنه ارتَدَّ في جملة أهل الردة، فأتى به أبو بكر رضي اللَه عنه أسيراً، فأطلقه وزَوّجه أخته فَرْوَة بنت أبي قُحافة رغبةً منه في شَرَفه، فخرج من عند أبى بكر ودخل السوق فاخترطَ سَيْفَه ثم لم تَلْقَه ذاتُ أربع إلاَ عَرْقَبَها من بعير وفرس وبقر، ومضى فدخل داراً من دور الأَنصار، فصار الناسُ حَشْداً إلى أبى بكر رضي الله عنه، فَقَالَوا:
هذا الأَشعث قد ارتَدَّ ثانية، فبعث أبو بكر رضي الله عنه إليه، فأشرف من السطح وقَالَ: يا أهل المدينة إنِّي غريبٌ ببلدكم، وقد أَوْلَمت بما عَرْقَبْتُ فليأكل كل إنسان ما وجَد وليَغْدُ على من كان له قبلي حق، فلم تَبْقَ دار من دور المدينة إلاَ دَخَلها من ذلك اللحم، ولاَ رؤى يوم أشبه يوم الأَضحَى من ذلك اليوم، فضرب أهلُ المدينة به المثل فَقَالَوا: أوْلَمُ من الأَشعث،
وقَالَ فيه الشاعر:
لَقَدْ أوْلَمَ الكِنْدِيُّ يَوْمَ مِلاَكِهِ ... وَليمَةَ حَمَّالٍ لِثْقْلِ العِظَائِمِ
لَقَدْ سَلَّ سَيْفَاً مِنْهُ قَدْ كَانَ مُغْمَداً ... لَدَى الحَرْبِ مِنْهُ فِي الطُّلاَ والجَمَاجِمِ
فأغْمَدَهُ فِي كُلِّ بَكْرٍ وَسَابِحٍ ... وَعَيْرٍ وَثوْرٍ فِي يَوْم الحَشَا وَالقَوَائِمِ
فَقُلْ لِلْفَتَى الكِنْدِىِّ يَوْمَ لِقَائِهِ ... ذَهَبْتَ بأسْنَى ذِكْرِ أوْلاَدِ دَارِمِ
وقَالَ الأصبغ بن حَرْمَلَة الليثي متسخطا لهذه المُصَاهرة:
أتَيْتَ بِكِنْدِيٍّ قَدْ ارْتَدَّ وانْتَهَى ... إلى غَايَةٍ مِنْ نَكْثِ مِيثَاقِهِ كُفْرَا
فَكَانَ ثواب النَّكْثِ إحياءَ نَفْسِهِ ... وَكَانَ ثَوَاب الكُفْرِ تَزْوِيجَهُ البِكْرَا ⦗٣٨٠⦘
وَلَوْ لأنه يَأبي عَلَيْكَ نِكَاحَهَا ... وَتَزْوِيجَها مِنْهُ لأمهَرْتهُ مَهْرَا
وَلَوْ أنهُ رَامَ الزِّيادَةَ مِثْلَهَا ... لأَنكَحْتَهُ عَشْراً واتْبَعْتَهُ عَشْراَ
فَقُلْ لأبِي بَكْرٍ: لَقَدْ شِنْتَ بَعْدَهَا ... قُرَيَشاً وأخْمَلْتَ النَّبَاهَةَ والذِّكْرَا
أما كانَ فِي تَيْمٍ بن مُرَّة وَاحدٌ ... تُزَوِّجْهُ لَوْلاَ أرْدَتَ بِهِ الفَخْرا
وَلَوْ كُنْت لمَّا أنْ أتَاكَ قَتَلْتَهُ ... لأَحْرَزْتَهَا ذِكْرَاً وَقَدَّمْتَهَا ذُخْرَا
فَأَضْحَى يَرَى مَا قَدْ فَعَلْتَ فَرِيضةً ... عَلَيْكَ؛ فَلاَ حَمْدَاً حَوْيْتَ ولاَأجْرَا