٣٨٣٦- مَرْعْىً وَلاَ كَالسَّعْدَانِ
قَالَ بعض الرواة: السَّعْدَان أخْثَرُ العُشْبِ لَبَنَا، وإذا خَثَرَ لبنُ الراعية (خثر اللبن - كنصر - ثخن واشتد، فهو خائر)
كان ⦗٢٧٦⦘ أفضَلَ ما يكون وأطيَبَ وأدْسَمَ، ومنابِتُ السَّعْدان السهولُ، وهو من أنجع المَرَاعِي في المال، ولاَ تحسنُ على نبتٍ حُسْنَهَا عليه، قَالَ النابغة:
الوَاهِبُ المِائِةَ الأبكارَ زَيَّنَهَا ... سَعْدَانُ تُوضِحَ فِي أوبَارِهَا اللِّبَدُ
يضرب مثلاً للشيء يَفْضُل على أقرانه وأشكاله.
قَالَوا: وأولُ من قَالَ ذلك الخَنْسَاء بنت عمرو بن الشريد، وذلك أنها أقبلت من الموسم فوجَدَتْ الناسَ مجتمعين على هند بنت عتبة بن رَبيعة، ففرجَتْ عنها وهي تنشدهم مراثي في أهل بيتها، فلما دنَتْ منها قَالَت: على مَنْ تبكين؟ قَالَت: أبكى سادةً مَضَوا، قَالَت: فأنشِدِينِي بعضَ ما قلت، فَقَالَت هند:
أبْكِى عَمُودَ الاَبْطَحَيْنِ كِلَيْهِمَا ... ومَا نَعِهَا مِنْ كُلِّ بَاغٍ يُرِيدُهَا
أبُو عُتَبَةَ الفَيَّاض وَيْحَكِ فَاعْلَمِي ... وشَبِيبَة وَالحَامِي الذِّمَارِ وَلِيدُهَا
أولئِكَ أهْلُ العِزِّ مِنْ آل غَالِبٍ ... وَللمجد يوم حين عُدَّ عَدِيدُهَا
قَالَت الخنساء: مَرْعىً ولاَ كالسعدان، فذهبت مثلاً، ثم أنشأت تقول:
أَبْكِي أَبَا عَمْرٍو بَعَيْنٍ غَزِيرَةٍ ... قَلِيل إذا تُغْفِى العُيُونُ رُقُودُهَا
وَصَخْراً وَمَنْ ذَا مِثْلُ صَخْرٍ إذا بَدَا ... بِسَاحَتِهِ الأبطَالُ قُبَّاً يَقُودُهَا
حتى فرغت من ذلك؛ فهي أول من قَالَت "مَرْعىً ولاَ كالسَّعْدَانِ"
ومرعى: خبر مبتدأ محذوف، وتقديره هذا مرعى جيد، وليس في الجودة مثل السعدان.
وقَالَ أبو عبيد: حكى المفضل أن المثل لامرأة من طيئ، كان تزوجها امرؤ القيس بن حُجْر الكندي، وكان مُفَرَّكاً، فَقَالَ لَها: أين أنا مِنْ زوجك الأول؟ فَقَالَت: مَرْعىً ولاَ كالسَّعدان، أي إنك وإن كنت رِضاً فلستَ كفلاَن.