يريد: يا أعور احْفَظْ عينَكَ واحذر الحجر، أو ارْقُب الحجَرَ، وأصله أن الأعور إذا أصِبَتْ عينُه الصحيحة بقي لا يبصر، كما قال إسماعيل بن جرير البَجَلي الشاعر، لطاهر ابن الحسين، مَدَّاحاً له فقيل له: إنه ينتحل ما يمدحك به من الشعر، فأحبَّ أن يمتحنه، فأمره أن يهجوه، فأبى إسماعيل، فقال طاهر: إنما هو هجاؤك لي أو ضَرْبُ عنقك، فكتب في كاغد هذه الأبيات:
رأيْتُكَ لا تَرَى إلا بعَيْن ... وَعَيْنُك لا ترى إلاّ قَليلاَ
فَأما إذا أصبت بفَرْد عَيْنٍ ... فَخُذْ من عَيْنِكَ الأخرى كَفيلاَ
فَقَدْ أَبْقَيتَ أنَّكّ عَنْ قَليلٍ ... بظَهْرِ الكَفِّ تَلْتَمسُ السَّبيلاَ ثم عرض هذه الأبيات على طاهر، فقال: لا أرَيَنَّكَ تنشدها أحداً، ومَزَقَ القرطاس، وأحسن صلَته. ويقال: إن غراباً وقع على دَبَرَة ناقةٍ فكِرهَ صاحبُها أن يرميه فتثور الناقة، فجعل يُشِير إليه بالحجر، ويسمى الغراب أعور لحدة بصره، على التشؤم، أو على القلب كالبَصِير للضرير وأبي البَيضَاء للحبشي.