قالوا: كان بالطائف في أول الاسلام أخَوَانِ فتزوَّج أحدُهما امرأةً من كُنَّة ثم رامَ سفَرا فأوصى الأخَ بها، فكان يتعهَّدُها كل يوم بنفسه، وكانت من أحسن الناس وَجْهاً، فذهبت بقلبه فَضَنِىَ وأخذت قوته حتى عجز عن المشي، ثم عجز عن القعود، وقَدِمَ أخوه فلما رآه بتلك الحال قال: مالك يا أخي؟ ما تجد؟ قال: ما أجد شيئاً غير الضعف فبعث أخوه إلى الحارث بن كَلْدَةَ طبيبِ العرب، فلما حضر لم يجد به علَّة من مرض، ووقع له أن ما به من عشق، فدعا بخمر ⦗١٤٩⦘ وفَتَّ فيها خبزا، فأطعمه إياه ثم أتبعه بشَرْبة منها، فتحرك ساعةً ثم نغص رأسه ورفع عَقيرتَه بهذه الأبيات:
ألمَّا بي على الأبْيَا ... تِ بِالْخِيفِ نَزُرْهُنَّهْ
أيها الجِيَرةُ اسْلَمُوا ... وَقِفُوا كي تَكَلَّمُوا
خرجت مزنة من الـ ... ـبَحْرِ (البحر) رَيَّا تُحَمْحِمُ
هِيَ مَا كُنَّتِي وتز ... عُمُ أنِّي لَهَا حَمُ
فعرف أخوه ما به، فقال: يا أخي هي طالق ثلاثا فتزوجْهَا، فقال: هي طالق يوم أتزوجها، ثم ثاب إليه ثائب من العقل والقوة ففارق الطائف حضرا، وهاَمَ في البر فما رُؤي بعد ذلك، فمكث أخوه أياما ثم مات كَمَداً على أخيه، فضرب به المثل، وسمى فقيد ثقيف.