للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحسَّ من لمة الملك شيئًا فليحمد الله عليه، ومن أحسَّ من لمة الشيطان شيئًا فليتعوذ بالله منه. ثم تلا هذه الآية: ﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: ٢٦٨]» (١).


(١) رواه عن ابن مسعود :
١: عطاء بن السائب. ٢: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة. ٣: عامر بن عبدة.
الرواية الأولى: رواية عطاء بن السائب: اختلف على عطاء بن السائب فروي عنه موقوفًا ومرفوعًا.
أولًا: الموقوف رواه:
١: الطبري في تفسيره (٣/ ٥٩) حدثني المثنى بن إبراهيم، قال: حدثنا حجاج بن المنهال، قال: حدثنا حماد بن سلمة، قال: أخبرنا عطاء بن السائب، عن مرة الهمداني عن ابن مسعود فذكره رواته ثقات عدا شيخ الطبري.
المثنى بن إبراهيم الآملي لم أقف على من عَدلَّه.
قال الطحاوي: حديث عطاء الذي كان منه قبل تغيره يؤخذ من أربعة لا من سواهم وهم شعبة وسفيان الثوري وحماد بن سلمة وحماد بن زيد. فهذه الرواية على ضعفها أقوى روايات عطاء.
واضطرب عطاء بن السائب في إسناده فتارة يجعله موقوفًا وتارة مرفوعًا وتارة عن مرة الهمداني وتارة عن أبي الأحوص وتارة بالشك.
٢: الطبري في تفسيره (٣/ ٥٩) حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا الحكم بن بشير بن سليمان، قال: حدثنا عمرو، عن عطاء بن السائب، عن مرة، عن عبد الله إسناده ضعيف.
محمد بن حميد الرازي ضعيف. ورواية عمرو بن أبي قيس عن عطاء بعد اختلاطه.
٣: الطبري في تفسيره (٣/ ٦٠) حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن عطاء، عن مرة بن شراحيل، عن عبد الله بن مسعود ، إسناده ضعيف.
ابن حميد ضعيف ورواية جرير بن عبد الحميد عن عطاء بن السائب بعد الاختلاط.
٤: الطبري في تفسيره (٣/ ٥٩) حدثني يعقوب، قال: حدثنا ابن علية، قال: حدثنا عطاء بن السائب، عن أبي الأحوص أو عن مرة قال: قال عبد الله إسناده ضعيف.
رواية ابن علية إسماعيل بن إبراهيم عن عطاء بن السائب بعد الاختلاط. وأبو الأحوص هو عوف بن مالك وتقدم من رواية حماد بن سلمة عن مرة الهمداني ويأتي من رواية مسعر عن عطاء عن أبي الأحوص.
٥: مسعر، عن عطاء بن السائب، عن أبي الأحوص عوف بن مالك بن نضلة، عن ابن مسعود انظر: تفسير ابن كثير (١/ ٣٢١) - إسناده ضعيف.
لم أقف عليه وما أظهر من السند ضعيف فرواية مسعر بن كدام عن عطاء بن السائب بعد الاختلاط.
ثانيًا المرفوع: رواه الترمذي في جامعه (٢٩٨٨) والعلل الكبير (٢/ ٨٨) حدثنا هناد والنسائي في الكبرى (١١٠٥١) أنا هناد بن السري وأبو يعلى (٤٩٩٩) - وعنه ابن حبان (٩٩٧) - حدثنا هناد بن السري، والطبري في تفسيره (٣/ ٥٩) حدثنا هناد وابن أبي حاتم في تفسيره (٢٨١٠) حدثنا أبو زرعة، ثنا هناد بن السري حدثنا أبو الأحوص، عن عطاء بن السائب، عن مرة الهمداني، عن عبد الله بن مسعود مرفوعًا إسناده ضعيف.
رواية أبي الأحوص عوف بن مالك عن عطاء بن السائب بعد الاختلاط. وتقدم من رواية أبي الأحوص عن عطاء موقوفًا على ابن مسعود .
قال الترمذي في الجامع: هذا حديث حسن غريب وهو حديث أبي الأحوص لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث أبي الأحوص.
- قال أبو عبد الرحمن: يأتي - قريبًا - عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن مسعود مرفوعًا -
وقال الترمذي في العلل: سألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: روى بعضهم هذا الحديث عن عطاء بن السائب وأوقفه. وأرى أنَّه قد رفعه غير أبي الأحوص، عن عطاء بن السائب، وهو حديث أبي الأحوص.
الرواية الثانية: رواية عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: واختلف عليه فيه فروي موقوفًا ومرفوعًا:
أولًا: الموقوف: رواه عبد الرزاق في تفسيره (٣٤٨) حدثنا معمر، وأبو داود في الزهد (١٦٤) قال: نا محمد بن عبيد، قال: نا ابن ثور، عن معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، قال: قال عبد الله بن مسعود فذكره موقوفًا مرسل رواته ثقات.
رواية عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن مسعود مرسلة. وابن ثور هو محمد الصنعاني.
ثانيًا: المرفوع: رواه أبو بكر بن مردويه في تفسيره - تفسير ابن كثير (١/ ٣٢١) - عن محمد بن أحمد، عن محمد بن عبد الله بن رسته، عن هارون الفروي، عن أبي ضمرة عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن مسعود ، مرفوعًا مرسل رواته ثقات.
محمد بن أحمد هو الحافظ أبو أحمد الأصبهاني، الحافظ المعروف بالعسال، صاحب المصنفات المشهور. وهارون الفروي هو ابن موسى وأبو ضمرة هو أنس بن عياض.
ويفهم من قول البخاري: رفعه غير أبي الأحوص، عن عطاء بن السائب، وهو حديث أبي الأحوص أنَّ هذه الرواية خطأ. وكذلك قول الترمذي لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث أبي الأحوص والله أعلم. ولم يذكر أبو حاتم إلا رواية الوقف.
الرواية الثالثة: رواية عامر بن عبدة البجلي: رواه الطبري في تفسيره (٣/ ٥٩) حدثني المثنى، قال: حدثنا سويد بن نصر، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن فطر، عن المسيب بن رافع وأحمد في الزهد (٨٥٤) حدثنا إسرائيل، عن سعيد بن مسروق، عن المسيب بن رافع، حدثني أبو إياس البجلي قال: سمعت عبد الله بن مسعود ، يقول: «من تطاول تعظمًا خفضه الله ﷿، ومن تواضع لله تخشعًا رفعه الله ﷿، وإنَّ للملك لمة وللشيطان لمة، فلمة الملك إيعاد بالخير وتصديق بالحق، فإذا رأيتم ذلك فاحمدوا الله ﷿، ولمة الشيطان إيعاد بالشر وتكذيب بالحق، فإذا رأيتم ذلك فتعوذوا بالله ﷿» رواته ثقات.
تقدم أنَّي لم أقف على من عَدلَّ المثنى بن إبراهيم الآملي. ويغلب على ظني أنَّ في إسناد رواية أحمد سقطًا فأحمد يروي عن إسرائيل بن يونس بواسطة شيوخه والله أعلم.
فالذي يظهر ثبوته بمجموعه موقوفًا على ابن مسعود والله أعلم.
قال ابن أبي حاتم في علله (٢٢٢٤) قال أبو زرعة: الناس يوقفونه عن عبد الله ؛ وهو الصحيح. وقال أبي: هذا من عطاء بن السائب؛ كان يرفع الحديث مرة، ويوقفه أخرى، والناس يحدثون من وجوه عن عبد الله موقوف. ورواه الزهري عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن مسعود ، موقوف، وذكر أشياء من هذا النحو موقوف. وجعله من كلام ابن مسعود شيخ الإسلام ابن تيمية - مجموع الفتاوى (٤/ ٣١) - وابن القيم - الفوائد ص: (١٤٧) - وتقدم ترجيح الترمذي رواية الوقف.

<<  <   >  >>