للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ - ورواية البخاري مَعَ - كُلِّ صَلَاةٍ» (١).

وجه الاستدلال: كل من ألفاظ العموم فيعم كل صلاة (٢).

الرد من وجوه:

الأول: حديث أبي هريرة جاء بلفظ الصلاة والوضوء وهما بمعنى واحد فالسواك عند الوضوء للصلاة غالبًا؛ فذكر السواك مع الوضوء لأنَّه وقت تنظيف الفم وذكره عند الصلاة لأنَّها المقصودة بالطهارة (٣).

الجواب من وجهين:

الجواب الأول: يأتي أنَّ الصحابة فهموا من الحديث استحباب السواك للصلاة.

الجواب الثاني: السواك كما هو مشروع في غير هذين الموضعين فهو مشروع فيهما ولا تعارض بين الأحاديث حتى يحتاج للتأويل.

الثاني: كل صلاة يحتمل الصلاة والوضوء ولفظ الوضوء لا يحتمل إلا الوضوء فيحمل عليه (٤).

الجواب: كالذي قبله.

الدليل الثاني: عن عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر، «أنَّ رسول الله أُمِر بالوضوء لكل صلاة، طاهرًا وغير طاهر، فلما شق ذلك عليه، أُمِر بالسواك لكل صلاة» (٥).


(١) رواه البخاري (٨٨٧) ومسلم (٢٥٢).
(٢) انظر: المجموع (١/ ٢٧٤) وشرح العمدة لابن العطار (١/ ١٤٧).
(٣) انظر: السواك وما أشبه ذاك ص: (٦٥) والبناية شرح الهداية (١/ ١٤٥).
(٤) انظر: معارف السنن (١/ ١٤٦).
(٥) الحديث مداره على محمد بن إسحاق واختلف عليه فيه فرواه:
١: الدارمي (٦٦١) وأبو داود (٤٨) وابن أبي عاصم (٢٢٤٧) في الآحاد والمثاني قالا حدثنا محمد بن عوف الطائي وابن خزيمة (١٥) (١٣٨) نا محمد بن يحيى، والطبراني، [تهذيب الكمال (٤/ ١١٧)] قال: حدثنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي، وأحمد بن عبد الوهاب بن نجدة الحوطي قالوا: ثنا أحمد بن خالد الوَهْبِي، والبزار (٣٣٨٢) أخبرنا إبراهيم بن سعيد، وابن خزيمة (١٥) ثنا محمد بن منصور أبو جعفر، ومحمد بن شوكر بن رافع البغداديان قالوا: ثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، ثنا أبي، والحازمي في الاعتبار (٤٢) أخبرني أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي الخطيب الطرقي بها، أخبرنا يحيى بن عبد الوهاب العبدي، أخبرنا محمد بن أحمد الكاتب، أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر، حدثنا عبد الله بن محمد الرازي، حدثنا أبو زرعة، حدثنا عبيد بن يعيش، حدثنا يونس بن بكير، يروونه - إبراهيم بن سعد وأحمد بن خالد الوَهْبِي ويونس بن بكير - عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عبد الله بن عبد الله بن عمر، قال: قلت: أرأيت وضؤ ابن عمر لكل صلاة طاهرًا، وغير طاهر، عم ذاك؟ فقال: حدثته وفي بعضها حدثتنيه أسماء بنت زيد بن الخطاب، أنَّ عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر، حدثها «أنَّ رسول الله أُمِر بالوضوء لكل صلاة، طاهرًا وغير طاهر، فلما شق ذلك عليه، أُمِر بالسواك لكل صلاة»، فكان ابن عمر يرى أنَّ به قوة، فكان لا يدع الوضوء لكل صلاة» ورواته محتج بهم.
٢: أحمد (٢١٤٥٣) حدثنا يعقوب حدثنا أبي والفسوي في المعرفة (١/ ٢٦٣) حدثنا أبو النضر إسحاق بن إبراهيم القرشي الدمشقي قال: حدثنا سعيد بن يحيى اللخمي يرويانه عن ابن إسحاق، حدثني محمد بن يحيى بن حبان الأنصاري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر قال، قلت له: فذكره ورواته محتج بهم.
قال: البزار (٨/ ٣٠٧) هذا الكلام لا نعلم أحدًا رواه عن النبي إلا عبد الله بن حنظلة .
فالحديث من رواية محمد بن إسحاق مدلس لكن صرح بسماعه في رواية أحمد قال أحمد: كان ابن إسحاق يدلس إلا أنَّ كتاب إبراهيم بن سعد إذا كان سماع قال: حدثني، وإذا لم يكن قال: قال. ورواية أحمد من رواية إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق بذكر التحديث. وكذلك صرح بسماعه في رواية ابن خزيمة (١٥) والحاكم (١/ ١٥٥) فانتفت شبهة التدليس عن ابن إسحاق في هذه الرواية.
لكن بقي الاختلاف في الحديث على إبراهيم بن سعد الزهري فرواه يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري عن أبيه واختلف عليه فيه فرواه:
١: الإمام أحمد عن يعقوب عن أبيه وجعله من رواية عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن أسماء بنت زيد عن عبد الله بن حنظلة وتابع إبراهيم بن سعد سعيد بن يحيى اللخمي واختلف في اللخمي فقال: دحيم ما هو عندي ممن يتهم بالكذب وقال أبو حاتم محله الصدق وقال ابن حبان ثقة مأمون مستقيم الأمر في الحديث وقال الدارقطني ليس بذاك.
٢: إبراهيم بن سعيد الجوهري عند البزار ومحمد بن منصور الطوسي ومحمد بن شوكر البغدادي عن يعقوب بن إبراهيم عن أبيه وجعلوه من رواية عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن أسماء بنت زيد عن عبد الله بن حنظلة .
والثلاثة ثقات فهل ترجح روايتهم على رواية الإمام أحمد مع جلالة قدره لأنَّهم أكثر وتوبع.
فتابع إبراهيم بن سعد في هذه الرواية أحمد بن خالد الوهبي - وثقه ابن معين وقال الدارقطني لا بأس به - ويونس بن بكير - توسط فيه ابن حجر فقال: صدوق يخطئ - يحتمل والله أعلم.
فالخلاف هل هو من رواية عبد الله أو عبيد الله إبنا عبد الله بن عمر؟ وكلاهما ثقة أجاب ابن كثير - في تفسيره (٢/ ٢٢) - عن هذا الاختلاف بقوله: أيًا ما كان، فهو إسناد صحيح، وقد صرح ابن إسحاق فيه بالتحديث والسماع من محمد بن يحيى بن حبان، فزال محذور التدليس، لكن قال الحافظ ابن عساكر: رواه سلمة بن الفضل وعلي بن مجاهد عن ابن إسحاق، عن محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة، عن محمد بن يحيى بن حبان به، والله أعلم.
قال أبو عبد الرحمن: يأتي أنَّها رواية منكرة. فالموقوف على ابن عمر والمرفوع للنبي إسناده حسن والله أعلم.
والحديث صححه ابن خزيمة والحاكم (١/ ١٥٦) وقال أبو موسى المديني في اللطائف من دقائق المعارف ص: (١٧٣) حديث ثابت أخرجه أبو داود السجستاني في سننه، واختلف في إسناده على وجوه. وحسنه الحازمي وحسن إسناده ابن حجر في التلخيص (١٥٣٥) والألباني في صحيح أبي داود (٣٨).
٣: ابن قانع في معجم الصحابة (٢/ ٩٠) حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، نا ابن حميد، نا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن أسماء بنت الخطاب، عن عبد الله بن حنظلة ، «أنَّ رسول الله كان يتوضأ لكل صلاة، فشق ذلك عليه، فخفف عنه، فأُمِر بالسواك» وإسناده ضعيف.
محمد بن حميد الرازي وثقه ابن معين في رواية وضعفه في أخرى، وضعفه أحمد والنسائي والجوزجاني، وقال ابن حبان: يروي عن الثقات المقلوبات، وقال ابن وارة: كذاب. واضطرب في الحديث فتارة يجعله عن عبد الله بن حنظلة وتارة عن أنس .
وسلمة بن الفضل الأبرش توسط فيه الحافظ فقال: صدوق كثير الخطأ. وتابعه علي بن مجاهد - تحفة الأشراف (٥٢٤٧) وتهذيب الكمال (٤/ ١١٧) - وعلي بن مجاهد بن مسلم ضعيف قال أحمد وابن معين ما أرى به بأسًا وفي رواية عن ابن معين: قال كان يضع الحديث وقال يحيى بن الضريس كذاب لم يسمع من ابن إسحاق وذكره ابن حبان في ثقاته.
فهذه الرواية منكرة والله أعلم.
٤: الترمذي (٥٨) حدثنا محمد بن حميد الرازي، قال: حدثنا سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، عن حميد، عن أنس «أنَّ النبي كان يتوضأ لكل صلاة طاهرًا أو غير طاهر»، قال: قلت لأنس : فكيف كنتم تصنعون أنتم؟ قال: كنا نتوضأ وضوءًا واحدًا. وإسناده ضعيف.
وتقدم أنَّ حميدًا الرازي اضطرب في إسناده.
قال الترمذي في العلل الكبير ص:) ١٢٨) لم يعرف محمد [البخاري] هذا من حديث حميد.
وقال الترمذي بعد أنَّ أخرجه: حديث أنس غريب من هذا الوجه، والمشهور عند أهل الحديث حديث عمرو بن عامر، عن أنس .
قال أبو عبد الرحمن: حديث عمرو بن عامر الأنصاري رواه البخاري (٢١٤) حدثنا محمد بن يوسف، قال: حدثنا سفيان، عن عمرو بن عامر، قال: سمعت أنس بن مالك ، قال: ح وحدثنا مسدد، قال: حدثنا يحيى، عن سفيان، قال: حدثني عمرو بن عامر، عن أنس بن مالك ، قال: كان النبي «يتوضأ عند كل صلاة» قلت: كيف كنتم تصنعون؟ قال: يجزئ أحدنا الوضوء ما لم يحدث.
سفيان هو الثوري ويحيى هو ابن سعيد القطان.
فائدة: ذكر الحديث ابن حجر - في نزهة السامعين في رواية الصحابة عن التابعين ص: (٦٩) - وبرهان الدين البقاعي - في النكت الوفية بما في شرح الألفية (١/ ٣٩٤) - هذا الحديث في رواية الصحابة عن التابعين. وأسماء بن زيد بن الخطاب اختلف في صحبتها.

<<  <   >  >>