أولًا: حديث علي ﵁: الحديث رواه جمع منهم أحمد (٨٨٩) حدثنا علي بن بحر وأبو داود (٢٠٣) حدثنا حيوة بن شريح الحمصي، في آخرين وابن ماجه (٤٧٧) حدثنا محمد بن المصفى الحمصي والدارقطني (١/ ١٦١) حدثنا أبو حامد نا سليمان بن عمر الأقطع وابن المنذر في الأوسط (١/ ٢٥٢) حدثنا علي بن الحسن، ثنا إسحاق [مسند إسحاق بن راهويه (٣٨٠٩)] يروونه عن بقية، عن الوضين بن عطاء، عن محفوظ بن علقمة، عن عبد الرحمن بن عائذ الأزدي، عن علي بن أبي طالب ﵁، أنَّ رسول الله ﷺ قال: «الْعَيْنُ وِكَاءُ السَّهِ، فَمَنْ نَامَ، فَلْيَتَوَضَّأْ» مرسل إسناده ضعيف. بقية بن الوليد مدلس وصرح بسماعه في روايتي أحمد ويحتمل أنَّ هذا من تصرف الرواة - ففي الأوسط من رواية إسحاق بن راهويه تصريح بقية وفي مسند إسحاق بالعنعنة - فإن لم يكن هذا من تصرف بعض الرواة فتدليسه تدليس تسوية فلا يكفي تصريحه فقط والله أعلم. والوضين بن عطاء مختلف في توثيقه وثقه أحمد ودحيم، وقال أبو داود: صالح الحديث. وقال ابن عدي ما أدري بأحاديثه بأسًا وضعفه ابن سعد وقال أبو حاتم: يعرف وينكر. وقال السعدي: واهي الحديث. وتعقبه الذهبي بقوله: قال السعدي: واهي الحديث، والقول فيه قول دحيم عبد الرحمن بن إبراهيم، لأنَّه أعرف به. وعبد الرحمن بن عائذ وثقه النسائي وضعفه الأزدي وذكره ابن حبان في ثقاته وقال: قيل إنَّه لقي عليًا ﵁. وذكره البخاري في الكبير وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا. وقال ابن حجر في التقريب ثقة من الثالثة ووهم من ذكره في الصحابة ﵃ وقال أبو حاتم وأبو زرعة رواية عبد الرحمن بن عائذ عن علي ﵁ مرسلة. قال ابن أبي حاتم في علله (١٠٦) سئل أبو زرعة عن حديث: ابن عائذ، عن علي ﵁ بهذا الحديث. فقال: ابن عائذ عن علي ﵁ مرسل. ونقل ابن أبي حاتم عن أبيه تضعيف الحديث. وقال ابن حزم في المحلى (١/ ٢١٨) حديث علي ﵁ فراويه أيضًا بقية عن الوضين بن عطاء، وكلاهما ضعيف. قال أبو عبد الرحمن تقدم الخلاف في الوضين. ووافق ابنُ القطان في بيان الوهم والإيهام (٣/ ٩) عبدَ الحق بإعلاله بالانقطاع وزاد عليه بضعف بقية والوضين. وبجهالة عبد الرحمن بن عائذ وتُعقِب بتجهيله لعبد الرحمن بن عائذ. وقال ابن الملقن في البدر المنير (٢/ ٤٢٧ - ٤٢٨) الذي يعل به حديث علي ﵁ أمران: الأول: أنَّ في إسناده جماعة تكلم فيهم؛ أولهم بقية، وهو ثقة في نفسه، لكنَّه يدلس عن الكذابين. ثانيهم: الوضين بن عطاء بن كنانة أبو كنانة الشامي، وفيه لين. الأمر الثاني: الانقطاع بين عبد الرحمن وعلي ﵁. وقال ابن الملقن (٢/ ٤٣٢) الحافظ زكي الدين المنذري؛ قال في كلامه على أحاديث المهذب: حديث علي ﵁ حديث حسن. والشيخ تقي الدين ابن الصلاح فقال: رواه أبو داود في جماعة وفي إسناده شيء، وهو - إن شاء الله - حسن، وحسنه النووي أيضًا، ولا يخفى ما فيه. وقال ابن عبد الهادي في تعليقة على علل ابن أبي حاتم ص: (٧١) إسناده غير قوي، فإنَّ ابن عائذ، عن علي ﵁، مرسل والوضين: مختلف في عدالته. وقال ابن التركماني في الجوهر النقي (١/ ١١٧) بقية متكلم [فيه] عن الوضين بن عطاء وهو واهٍ … وابن عائذ الازدي مجهول ولم يسمع من علي ﵁. تنبيه: رواية أحمد فيها قلب لفظها: «إِنَّ السَّهَ وِكَاءُ الْعَيْنِ، فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ». قال أبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث (٣/ ٨٢): السه يعني حلقة الدبر والوكاء أصله هو الخيط أو السير الذي يشد به رأس القربة فجعل اليقظة للعين مثل الوكاء للقربة يقول: فإذا نامت العين استرخى ذلك الوكاء فكان منه الحدث. ثانيًا: حديث معاوية ﵁: الحديث رواه عطية بن قيس، عن معاوية بن أبي سفيان ﵄ واختلف عليه في رفعه ووقفه فرواه عنه: ١: أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم. ٢: مروان بن جناح. الرواية الأولى: رواية أبي بكر بن أبي مريم: رواه الدارمي (٧٢٥) أخبرنا محمد بن المبارك وأبو يعلى (٧٣٧٢) حدثنا إبراهيم بن الحسين الأنطاكي، والدارقطني (١/ ١٦٠) حدثنا أبو حامد محمد بن هارون نا سليمان بن عمر والطبراني في الكبير (١٩/ ٣٧٢) حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة الدمشقي، ثنا حيوة بن شريح الحمصي، ح وحدثنا الحسين بن السميدع الأنطاكي، ثنا محمد بن المبارك الصوري، وابن عدي (٢/ ٣٨) ثنا أحمد بن عبد الله بن صالح بن شيخ بن عميرة ثنا سليمان بن عمر الرقي والبيهقي (١/ ١١٨) أخبرنا أبو الحسن: علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمويه العسكري حدثنا سليمان بن عبد الحميد البهراني حدثنا يزيد بن عبد ربه قالوا حدثنا بقية ورواه الدارقطني (١/ ١٦٠) حدثنا محمد بن هارون أبو حامد نا عيسى بن مساور والطبراني في الكبير (١٩/ ٣٧٢) حدثنا علي بن سعيد الرازي، ثنا علي بن الحسين الخواص الموصلي، قالا ثنا الوليد بن مسلم يرويانه - بقية بن الوليد والوليد بن مسلم - عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم عن عطية بن قيس الكلاعي عن معاوية بن أبي سفيان ﵄ أنَّ النبي ﷺ قال: «إِنَّمَا الْعَيْنُ وِكَاءُ السَّهِ، فَإِذَا نَامَتِ الْعَيْنُ اسْتُطْلِقَ الْوِكَاءُ» وإسناده ضعيف جدًا. الحديث مداره على أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم وضعفه شديد قال أحمد في رواية عنه ليس بشيء وقال أبو زرعة ضعيف منكر الحديث وقال أبو حاتم ضعيف الحديث طرقه لصوص فاخذوا متاعه فاختلط وقال الجوزجاني ليس بالقوي وقال النسائي ضعيف وقال ابن حبان كان من خيار أهل الشام لكن كان رديء الحفظ يحدث بالشيء فيهم فكثر ذلك منه حتى استحق الترك وقال ابن عدي الغالب على حديثه الغرائب وقلما يوافقه الثقات. وقد خالف في رفع الحديث فهذه الرواية منكرة والله أعلم. قال ابن الملقن في البدر المنير (٢/ ٤٢٩ - ٤٣٠) حديث معاوية ﵁ فالذي يعل به أيضًا أمران: الأول: حال أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم، .... الثاني: أنَّه روي موقوفًا، … وأعله ابن حزم بأمر ثالث فقال في محلاه [(١/ ٢١٨)]: هذا حديث ساقط؛ لأنَّه من رواية بقية - وهو ضعيف - عن أبي بكر بن أبي مريم، وهو مذكور بالكذب، عن عطية بن قيس وهو مجهول. انتهى كلامه. ونسبته عطية بن قيس إلى الجهالة من الغرائب … ثلاثة وثقوه: مسلم، وأبو حاتم، وابن القطان. وكذلك أعله بالوجهين الأولين الزيلعي في نصب الراية (١/ ٤٦). وقال ابن عبد الهادي في تعليقه على علل ابن أبي حاتم ص: (٧٢) إسناد ضعيف، وأبو بكر بن أبي مريم تكلم فيه غير واحد من الأئمة، وقد خالفه غيره. وحديث علي ﵁ المتقدم أقوى من حديث معاوية ﵁ هذا، نص عليه الإمام أحمد بن حنبل. والصواب في حديث معاوية ﵁ أنَّه موقوف عليه. قال أبو عبد الرحمن: ترجيح إحدى الروايات على غيرها لا يقتضي تصحيح الحديث كما هو متقرر والله أعلم. وضعف الحديث أبو حاتم - علل ابنه (١٠٦) - وأشار إلى ضعف الحديث الذهبي في مهذب سنن البيهقي (٥١٠) بقوله: أبو بكر ضعيف. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (١/ ٢٤٧) فيه أبو بكر بن أبي مريم، وهو ضعيف لاختلاطه. تنبيه: قال عبد الله بن أحمد: - مسند أبيه (١٦٤٣٧) - وجدت هذا الحديث في كتاب أبي بخط يده: حدثنا بكر بن يزيد، وأظنِّي قد سمعته منه في المذاكرة فلم أكتبه، وكان بكر ينزل المدينة، أظنَّه كان في المحنة كان قد ضرب على هذا الحديث في كتابه قال: حدثنا بكر بن يزيد، قال: أخبرنا أبو بكر يعني ابن أبي مريم، عن عطية بن قيس الكلابي، أنَّ معاوية بن أبي سفيان ﵄، قال: قال رسول الله ﷺ: فذكره. الرواية الثانية: رواية مروان بن جناح: رواه البيهقي (١/ ١١٨) أخبرنا أبو سعد الصوفى أخبرنا أبو أحمد بن عدى الحافظ [الكامل (٢/ ٣٨)] ثنا عبد الله بن محمد بن مسلم الجوربذي ثنا صالح بن شعيب ثنا محمد بن أسد ثنا الوليد ثنا مروان بن جناح عن عطية بن قيس عن معاوية ﵁ قال: «العين وكاء السه» وإسناده ضعيف. شيخ ابن عدي ترجم له الذهبي في السير فقال: الإمام الحافظ الناقد المتقن الأوحد، أبو بكر عبد الله بن محمد بن مسلم الإسفراييني، أحد الرحالين. ويقال له: الجوربذي؛ من قرية جوربذ … حدث عنه: … وأبو أحمد بن عدي، … وجمع وصنف … من الأثبات المجودين في أقطار الأرض. وصالح بن شعيب ترجم له ابن منده في الكنى والألقاب فقال: أبو حامد: صالح بن شعيب الإسفراييني. حدث عن: محمد بن أسد الخشني. ولم أقف على جرح أو تعديل فيه. ومحمد بن أسد ترجم له الذهبي في السير فقال: الإمام، الحافظ، البارع، شيخ خراسان أبو عبد الله محمد بن أسد الإسفراييني، الخوشي -بواو- ويقال: الخشي. قال ابن أبي حاتم: سمع منه أبي بمكة … وسئل عنه، فقال: صدوق. وقال أبو أحمد الحاكم: كان أحد أركان الحديث، ولما بلغ إسحاق بن راهويه موته دخل على ابن طاهر الأمير، فقال: آجرك الله في نصف خراسان. وقال الخطيب، وغيره: كان ثقة. ومروان بن جناح وثقه دحيم وأبو داود وأبو علي الحسين بن علي الحافظ النيسابوري، وذكره ابن حبان في ثقاته، وقال أبو حاتم: شيخ يكتب حديثه ولا يحتج بهم وقال الدارقطني: لا بأس به. وتفرد برواية الوقف. والوليد بن مسلم صرح بالسماع وهو مدلس تدليس تسوية ورواية مروان بن جناح عن عطية بن قيس بالعنعنة وكذلك رواية عطية بن قيس عن معاوية ﵁ لكن ترجيح الوليد بن مسلم رواية مروان على رواية أبي بكر بن عبد الله تدل على سماع مروان من عطية بن قيس فتبقى عنعنة عطية والله أعلم. قال ابن عدي: الوليد ومروان أثبت من ابن أبي مريم. وتقدم أنَّ ترجيح إحدى الروايات على غيرها لا يقتضي تصحيح الحديث.