للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الثاني: لا يعطى أحكام القرآن: قال به السيوطي (١) وابن عاشور (٢) والظاهر أنَّه اختيار بن حزم (٣).

وهذا القول أعم من القول الأول من وجه حيث لم يشترطوا عدم نية القرآن وأخص من وجه فكلامهم حين إيراد الآية في الاستدلال ونحوه ولا يلزم أنَّهم لا يُعَدُّون الحكم لغير ذلك لكن ينسب لهم القول على منطوق كلامهم.

الدليل الأول: عن ابن عباس أنَّه قال بت ليلة عند ميمونة زوج النبي فاضطجعت في عرض الوسادة واضطجع رسول الله وأهله في طولها، فنام رسول الله ، حتى إذا انتصف الليل، أو قبله بقليل أو بعده بقليل، استيقظ رسول الله ، فجلس يمسح النوم عن وجهه بيده، ثم قرأ العشر الآيات الخواتم من سورة آل عمران، ثم قام إلى شن معلقة، فتوضأ منها فأحسن وضوءه، ثم قام يصلي … » (٤).

الدليل الثاني: عن علي بن أبي طالب أنَّ رسول الله طرقه وفاطمة بنت النبي ليلة، فقال: «أَلَا تُصَلِّيَانِ؟» فقلت: يا رسول الله، أنفسنا بيد الله، فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا، فانصرف حين قلنا ذلك ولم يرجع إلي شيئًا، ثم سمعته وهو


(١) قال السيوطي في الحاوي للفتاوى (١/ ٢٩٧ - ٢٩٨) الذي ظهر لي من حيث النقل والاستدلال أنَّ الصواب أن يقول [إذا أراد إيراد آية]: قال الله تعالى، ويذكر الآية ولا يذكر الاستعاذة فهذا هو الثابت في الأحاديث والآثار من فعل النبي والصحابة والتابعين فمن بعدهم … فإنَّ الباب باب اتباع.
(٢) قال ابن عاشور في التحرير والتنوير (١٤/ ٢٧٨) الاستعاذة مشروعة للشروع في القراءة أو لإرادته، وليست مشروعة عند كل تلفظ بألفاظ القرآن كالنطق بآية أو آيات من القرآن في التعليم أو الموعظة أو شبههما، خلافًا لما يفعله بعض المتحذقين إذا ساق آية من القرآن في غير مقام القراءة أن يقول كقوله تعالى بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ويسوق آية.
(٣) قال ابن حزم في المحلى (٣/ ٢٤٨) قال بعضهم: لو كان التعوذ: فرضًا؛ للزم كل من حكى عن أحد أنَّه ذكر آية من القرآن: أن يتعوذ ولا بد. قال علي: وهذا عليهم لا لهم؛ لأنَّهم متفقون على استحباب التعوذ عند قراءة القرآن؛ ولا يرون التعوذ عند حكاية المرء قول غيره؛ فصح أنَّ التعوذ الذي اختلفنا فيه فأوجبناه نحن ولم يوجبوه هم - إنَّما هو عند قراءة القرآن، كما جاء في النص، لا عند حكاية لا يقصد بها المرء قراءة القرآن.
(٤) رواه البخاري (١٨٣) ومسلم (٧٦٣) وهو مخرج في (ص: ١١).

<<  <   >  >>