للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مولٍ يضرب فخذه، وهو يقول: ﴿وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا﴾ [الكهف: ٥٤] (١).

الدليل الثالث: عن عروة بن الزبير قال: قلت لعائشة : «إِنِّي لأظن رجلًا، لو لم يطف بين الصفا والمروة، ما ضره، قالت: «لم؟» قلت: لأن الله تعالى يقول: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١٥٨] إلى آخر الآية، فقالت: «ما أتم الله حج امرئ ولا عمرته لم يطف بين الصفا والمروة، ولو كان كما تقول لكان: فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما، وهل تدري فيما كان ذاك؟ إنما كان ذاك أن الأنصار كانوا يهلون في الجاهلية لصنمين على شط البحر، يقال لهما إساف ونائلة، ثم يجيئون فيطوفون بين الصفا والمروة، ثم يحلقون، فلما جاء الإسلام كرهوا أن يطوفوا بينهما للذي كانوا يصنعون في الجاهلية، قالت: فأنزل الله ﷿ ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ إلى آخرها، قالت: فطافوا» (٢).

وجه الاستدلال: ظاهر النصوص الكثيرة (٣) الواردة عن النبي والصحابة والتابعين حينما يقرأون القرآن من غير إرادة التعبد بالتلاوة لا يستعيذون ولا يبسملون (٤).

الترجيح: حين ذكر الآية أو السورة من باب الذكر أو التعوذ أو الاستدلال أو التذكير أو غير ذلك قصدُ كونه من القرآن مرادًا ولا ينفك ذلك في حال حضور العقل لكن لكونه حجة يعمل به لا لكونه قرآنًا مطلقًا كما في باب التعبد بالتلاوة فيؤتى في هذا الباب بما ورد فيه النص سواء كان من القرآن أو السنة فمثلًا من يأتي بأذكار الصباح والمساء يأتي بالثابت من القرآن والسنة فالذي يظهر لي أنَّه لا يعطى أحكام القرآن ولا يشترط أن لا ينوي به القرآن ولكن لو قرأ القرآن بنية التلاوة كمن قرأ سورة (ق) في خطبة الجمعة فتعطى أحكام القرآن والله أعلم.


(١) رواه البخاري (١١٢٧) ومسلم (٧٧٥).
(٢) رواه البخاري (١٧٩٠) ومسلم (١٢٧٧).
(٣) انظر: كتاب التفسير من صحيح البخاري مع فتح الباري (٨/ ١٥٥ - ٧٤٤) وكتاب التفسير من صحيح مسلم (٤/ ٢٣١٢ - ٢٣٢٣).
(٤) انظر: الحاوي للفتاوى (١/ ١٩٧).

<<  <   >  >>