للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الاستدلال: شرع لنا النبي قضاء قيام الليل في النهار (١).

الدليل السادس: عن قيس الأنصاري ، قال: «رأى النبي رجلًا يصلي بعد صلاة الصبح ركعتين، فقال رسول الله : «أَصَلَاةَ الصُّبْحِ مَرَّتَيْنِ؟» فقال الرجل: إنِّي لم أكن صليت الركعتين اللتين قبلهما، فصليتهما الآن، قال: فسكت رسول الله » (٢).


(١) انظر: كشف المشكل من حديث الصحيحين (١/ ١٤٣).
(٢) الحديث رواه عن قيس الأنصاري :
١: محمد بن إبراهيم التيمي. ٢: سعيد بن قيس. ٣: عبد ربه بن سعيد بن قيس. ٤: قيس بن أبي حازم.
١: رواية محمد بن إبراهيم، التيمي: رواه أحمد (٢٣٢٤٨) وأبو داود (١٢٦٧) قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة، وابن ماجه (١١٥٤) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة [(٢/ ٢٥٤)] والدارقطني (١/ ٣٨٤) حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز ثنا أبو بكر بن أبي شيبة والحاكم (١/ ٢٧٥) أخبرناه عبد الله بن محمد الصيدلاني، حدثنا إسماعيل بن قتيبة السلمي، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، يروونه عن عبد الله بن نمير ورواه الشافعي في الأم (١/ ١٤٩) وابن خزيمة (٢/ ١٦٤) قال ثنا أبو الحسن عمر بن حفص، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (٤١٣٩) حدثنا إسماعيل بن حمدويه البيكندي، حدثنا الحميدي، [(٨٦٨)] ح الطحاوي شرح مشكل الآثار (٤١٣٨) حدثنا روح بن الفرج، حدثنا حامد بن يحيى، يروونه عن سفيان بن عيينة والترمذي (٤٢٢) حدثنا محمد بن عمرو السواق، قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي، يروونه - ابن نمير وابن عيينة والداروردي - عن سعد بن سعيد الأنصاري، حدثني محمد بن إبراهيم، عن قيس فذكره مرسل رواته محتج بهم.
سعد بن سعيد بن قيس الأنصاري قال النسائي ليس بالقوي وقال ابن سعد كان ثقة وقال ابن عدي له أحاديث صالحة تقرب من الاستقامة ولا أرى بحديثه بأسًا بمقدار ما يرويه وذكره ابن حبان في الثقات وقال كان يخطاء ولم يفحش خطؤه فلذلك سلكناه مسلك العدول وقال العجلي وابن عمار ثقة ولم يتفرد به. وبقية رواته محتج بهم.
قال الترمذي: يروى هذا الحديث مرسلًا … وإسناد هذا الحديث ليس بمتصل محمد بن إبراهيم التيمي لم يسمع من قيس ، وروى بعضهم هذا الحديث عن سعد بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم، «أنَّ النبي خرج فرأى قيسًا » وهذا أصح من حديث عبد العزيز، عن سعد بن سعيد. وقال الطحاوي في شرح مشكل الآثار (١٠/ ٣٢٧) محمد بن إبراهيم، فإنَّما حديثه عن أبي سلمة وأمثاله من التابعين، لا يعرف له لقاء لأحد من أصحاب رسول الله … فدخل هذا الحديث في الأحاديث المنقطعة التي لا يحتج أهل الإسناد بمثلها. وقال النووي في المجموع (٤/ ١٦٩) إسناده ضعيف فيه انقطاع … فمتن الحديث ضعيف عند أهل الحديث.
تنبيهان:
الأول: روى ابن أبي شيبة (٢/ ٢٥٤) حدثنا هشيم، قال: أخبرنا عبد الملك، عن عطاء؛ «أنَّ رجلًا صلى مع النبي صلاة الصبح، فلما قضى النبي الصلاة، قام الرجل فصلى ركعتين، فقال النبي : «مَا هَاتَانِ الرَّكْعَتَانِ؟» فقال: يا رسول الله، جئت وأنت في الصلاة، ولم أكن صليت الركعتين قبل الفجر، فكرهت أن أصليهما وأنت تصلي، فلما قضيت الصلاة، قمت فصليت الصلاة، فضحك رسول الله ، فلم يأمره، ولم ينهه» مرسل رواته ثقات.
لكن هشيم وابن جريج مدلسان تدليس تسوية فأسقط أحدهما - والله أعلم - شيخ عطاء فرواه أبو داود (١٢٦٨) حدثنا حامد بن يحيى البلخي، قال: قال سفيان: كان عطاء بن أبي رباح يحدث بهذا الحديث عن سعد بن سعيد.
ونقل الحميدي في مسنده (٢/ ٣٨٥) عن شيخه سفيان بن عيينة قوله: كان عطاء بن أبي رباح، يروي هذا الحديث، عن سعد بن سعيد. ونحوه في جامع الترمذي (٢/ ٢٨٥) وشرح مشكل الآثار (١٠/ ٣٢٥).
ورواه ابن حزم في المحلى (٣/ ١١٢) بإسناده ثنا أحمد بن محمد البرتي القاضي ثنا الحسن بن ذكوان عن عطاء بن أبي رباح عن رجل من الأنصار قال: فذكره والأنصاري هو سعد بن سعيد بن قيس فرجع الحديث إليه والله أعلم.
الثاني: قال ابن مندة في معرفة الصحابة ص: (٦٧٥) - وعنه أبو نعيم في معرفة الصحابة (٣٣٣٩) - أخبرنا علي بن محمد بن نصر، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن سعيد، قال: حدثنا عبد الرحمن بن سلام، قال: حدثنا عمر بن قيس، عن سعد بن سعيد، أخي يحيى، عن حفص بن عاصم بن عمر، قال: سمعت سهيل بن سعد أخا سهل بن سعد ، يقول: دخلت المسجد والنبي في الصلاة، فصليت فلما انصرف النبي رأني أركع ركعتين، فقال: «مَا هَاتَانِ الرَّكْعَتَانِ؟» قلت: يا رسول الله، جئت وقد أقيمت الصلاة فأحببت أن أدرك معك الصلاة ثم أصلي، فسكت، «وكان إذا رضي شيئًا سكت» وإسناده ضعيف.
في إسناده عمر بن قيس المكي ضعفه شديد، قال الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وأبو حاتم: متروك. فهذه الرواية منكرة.
قال ابن مندة: هذا حديث غريب من حديث سعد بن سعيد، وقال أبو نعيم: الصحيح ما رواه سفيان بن عيينة، وابن نمير، عن سعد بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم، عن قيس بن عمرو .
٢: رواية سعيد بن قيس الأنصاري: رواه ابن خزيمة (١١١٦) ثنا الربيع بن سليمان المرادي، ونصر بن مرزوق والطحاوي في شرح مشكل الآثار (٤١٣٧) وابن حبان (١٥٦٣) أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة ووصيف بن عبد الله الحافظ بأنطاكية ح (٢٤٧١) أخبرنا الحسن بن إسحاق بن إبراهيم الخولاني المصري بطرسوس، ومحمد بن المنذر، ومحمد بن إسحاق بن خزيمة، والحاكم (١/ ٢٧٤) - وعنه البيهقي (٢/ ٤٨٣) - حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قالوا حدثنا الربيع بن سليمان المرادي، حدثنا أسد بن موسى، حدثنا الليث بن سعد، حدثني يحيى بن سعيد، عن أبيه، عن جده قيس بن قهد : «أنَّه صلى مع رسول الله الصبح ولم يكن صلى ركعتي الفجر، فلما سلم رسول الله سلم معه، ثم قال: فركع ركعتي الفجر ورسول الله ينظر إليه، فلم ينكر ذلك عليه» مرسل رواته محتج بهم.
سعيد بن قيس ذكره البخاري في تاريخه الكبير وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا وذكره ابن حبان في ثقاته. قال أبو عبد الرحمن فحديثه حسن إذا توبع. وبقية رواته ثقات.
والحديث أعل ب:
١: جهالة حال سعيد بن قياس. وتقدم أنَّ حديثه حسن إذا توبع.
٢: الإرسال: قال المزي - في التهذيب في ترجمة قيس بن عمرو الأنصاري الرواة عنه ابنه سعيد -: قيل لم يسمع منه. وقال الحافظ ابن حجر في الإصابة (٣/ ٢٥٦) أخرجه ابن مندة من طريق أسد بن موسى، عن الليث، عن يحيى، عن أبيه، عن جده. وقال: غريب تفرد به أسد موصولًا، وقال غيره عن الليث، عن يحيى: إنَّ حديثه مرسل. واللَّه أعلم. واستغرب وصله ابن خزيمة بقوله: خبر غريب غريب.
وقال الطحاوي: الحديث مما ينكره أهل العلم بالحديث على أسد بن موسى، منهم إبراهيم بن أبي داود، فسمعته يقول: رأيت هذا الحديث في أصل الكتب موقوفًا على يحيى بن سعيد.
٣: الاختلاف في اسم قيس : قال الطحاوي: مما ينكره أهل الأنساب أيضًا، ويزعمون أنَّ يحيى بن سعيد أيضًا ليس قيس جده قيس بن قهد .
قال أبو عبد الرحمن: لا يضر ذلك قال الترمذي يقال: هو قيس بن عمرو ، ويقال: ابن قهد وقال النووي في المجموع (٤/ ١٦٩) قيس بن قهد والأكثرون قيس بن عمرو وهو الصحيح عند جمهور أئمة الحديث وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص (١/ ٣٣٨) ذكر العسكري أن قهدًا لقب عمرو والد قيس وبهذا يجمع الخلاف في اسم أبيه … وأما ابن السكن فجعله في الصحابة اثنين.
٤: رواية عبد ربه بن سعيد بن قيس: رواه أحمد (٢٣٢٤٩) حدثنا عبد الرزاق [(٤٠١٦)]، أخبرنا ابن جريج، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (٤١٤٠) حدثنا بكار بن قتيبة، حدثنا أبو عمر الضرير، قال: قال حماد بن سلمة قالا: أخبرنا عبد ربه بن سعيد، أخا يحيى بن سعيد، يحدث عن جده، قال: «خرج إلى الصبح فوجد النبي في الصبح، ولم يكن ركع ركعتي الفجر، فصلى مع النبي ، ثم قام حين فرغ من الصبح فركع ركعتي الفجر، فمر به النبي فقال: «مَا هَذِهِ الصَّلَاةُ؟» فأخبره، فسكت النبي ومضى ولم يقل شيئًا» مرسل رواته ثقات.
أبو عمر الضرير هو حفص بن عمر البصري الأكبر صدوق وبكار بن قتيبة في أقل أحواله مقبول وبقية رواته ثقات.
قال الحافظ ابن حجر في الإصابة (٣/ ٢٥٦) أخرج أحمد من طريق ابن جريج: سمعت عبد اللَّه بن سعيد يحدّث عن جده نحوه، فإن كان الضمير لعبد اللَّه فهو مرسل، لأنَّه لم يدركه، وإن كان لسعيد فيكون محمد بن إبراهيم فيه قد توبع.
تنبيه: في نسختي من مسند أحمد طبعة دار إحياء التراث الطبعة الثانية عبد الله بن سعيد كما ذكر الحافظ وفي بعض نسخ أحمد عبد ربه بن سعيد وهو كذلك عند عبد الرزاق والطحاوي والظاهر أنَّه الصحيح فلم أقف على ترجمة لعبد الله بن سعيد بن قيس في التهذيب ولا في تقريبه ولا في تعجيل المنفعة والله أعلم. وأشار أبو داود في سننه إلى هذه الرواية (٢/ ٢٢) بقوله روى عبد ربه، ويحيى ابنا سعيد هذا الحديث مرسلًا.
٤: قيس بن أبي حازم: رواه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (٤١٤١) حدثنا أحمد بن عبد المؤمن المروزي، بحديث ثبتني فيه بعض أهل العلم من أصحابنا، قال: حدثنا علي بن يونس، حدثنا جرير بن عبد الحميد، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن قيس بن قهد «أنَّ النبي رآه يصلي ركعتين بعد صلاة الغداة، فقال: «مَا هَاتَانِ الرَّكْعَتَانِ يَا قَيْسُ؟» قال: لم أكن ركعتهما قبل الصلاة، فسكت عنه النبي » وإسناده ضعيف.
قال الطحاوي: أهل الحديث ينكرون هذا الحديث ولا يعرفونه، ولا يعرفون علي بن يونس الذي حدثناه ابن عبد المؤمن عنه.
فالذي يظهر لي أنَّ الحديث ثابت بمجموعه فأقل أحواله أنَّه حديث حسن. فالروايات الثلاث مرسلة ورواتها محتج بهم وفي الرواية الرابعة جهالة علي بن يونس فتقوي بعض الروايات بعضًا والله أعلم.
والحديث صححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وابن الملقن في البدر المنير (٣/ ٢٦٧) والألباني في موارد الظمان إلى زوائد ابن حبان (٥١٨). وقال أحمد شاكر في تعليقه على الترمذي (٢/ ٢٨٧) هذه الطرق كلها يؤيد بعضها بعضًا ويكون الحديث بها صحيحًا لا شبهة في صحته.

<<  <   >  >>