للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

: إنَّما النافلة للنبي خاصة. يعنون: أنَّ غيره تكمل فرائضه بنوافله، فلا يخلص له نافلة، فنوافله جبرانات لفرائضه (١).

الثاني: على فرض دلالته على الوجوب فخالفته عائشة فترى نسخ الوجوب.

الدليل الرابع: عن عطية بن سعد العوفي عن ابن عباس، قوله: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ﴾ يعني بالنافلة أنَّها للنبي خاصة، أمر بقيام الليل وكتب عليه (٢).

وجه الاستدلال: كالذي قبله.

الرد من وجهين:

الأول: الحديث منكر.

الثاني: لو صح فالرد كالذي قبله.

الدليل الخامس: عن ابن عباس ، قال: سمعت رسول الله ، يقول: «ثَلاثٌ هُنَّ عَلَيَّ فَرَائِضُ، وَهُنَّ لَكُمْ تَطَوُّعٌ: الْوَتْرُ، وَالنَّحْرُ، وَصَلاةُ الضُّحَى» (٣).


(١) فتح الباري (٥/ ١٤٦).
(٢) قال ابن جرير الطبري في تفسيره (١٥/ ٩٦) حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس فذكره وإسناده ضعيف جدًا.
محمد بن سعد بن محمد بن الحسن بن عطية العوفى. قال الخطيب: كان لينًا في الحديث، وقال: الدارقطني لا بأس به. وأبوه ضعيف قال أحمد: جهمي ولو لم يكن هذا أيضًا لم يكن ممن يستأهل أن يكتب عنه، ولا كان موضعًا لذاك. وقال الذهبي وثقه بعضهم.
وعمه الحسين بن الحسن بن عطية بن سعد ضعفه شديد ترجم له ابن حبان في المجروحين فقال: منكر الحديث يروي عن الأعمش وغيره أشياء لا يتابع عليها كأنَّه كان يقلبها وربما رفع المراسيل وأسند الموقوفات ولا يجوز الاحتجاج بخبره.
والحسن بن عطية وأبوه ضعفهما شديد: قال ابن حبان في المجروحين الحسن بن عطية منكر الحديث فلا أدري البلية في أحاديثه منه أو من أبيه أو منهما معًا لأنَّ أباه ليس بشيء في الحديث وأكثر روايته عن أبيه فمن هنا اشتبه أمره ووجب تركه. فالسند منكر مسلسل بالضعفاء
(٣) الحديث روي مسندًا ومرسلًا:
أولًا: الرواية الموصولة: رواه عكرمة مولى ابن عباس عنه ورواه عنه:
١: يحيى بن أبي حية. ٢: جابر الجعفي. ٣: يحيى بن سعيد الأنصاري. ٤: أبان بن أبي عياش.
١: أبو جناب يحيى بن أبي حية: رواه أحمد (٢٠٥١) حدثنا شجاع بن الوليد، والبزار - كشف الأستار (٢٤٣٣) - حدثنا أبو بكر بن إسحاق، ثنا شجاع بن الوليد والدارقطني (٢/ ٢١) حدثنا الحسين بن إسماعيل ثنا محمد بن خلف ثنا شجاع بن الوليد والحاكم (١/ ٣٠٠) حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار، حدثنا أحمد بن يونس الضبي، حدثنا أبو بدر شجاع بن الوليد والبيهقي (٢/ ٤٦٨) أخبرنا أبو الحسين: على بن محمد بن عبد الله بن بشران وأبو الحسن: علي بن عبد الله بن إبراهيم الهاشمى وأبو عبد الله: الحسين بن الحسن الغضائري قالوا: حدثنا أبو جعفر محمد بن عمرو الرزاز حدثنا سعدان بن نصر حدثنا أبو بدر عن أبي جناب الكلبي، عن عكرمة، عن ابن عباس ، قال: فذكره وإسناده ضعيف.
أبو جَنَاب الكلبي ضعيف ومدلس وعنعنه.
قال البيهقي: أبو جناب الكلبى اسمه يحيى بن أبى حية ضعيف، وكان يزيد بن هارون يصدقه ويرميه بالتدليس. وقال الذهبي في مستدركه: ما تكلم الحاكم عليه وهو غريب منكر.
وقال ابن الملقن في البدر المنير (٤/ ٣٢٦) حديث ضعيف، لأنَّ مداره على أبي جناب الكلبي، … وأبو جناب كان يحيى القطان يقول: لا أستحل أن أروي عنه. وقال أبو نعيم: كان يدلس أحاديث مناكير. وفي علل أحمد: كان ثقة يدلس، وعنده أحاديث مناكير. مع أنَّه أخرج له في مسنده وقال عمرو بن علي: متروك. وقال يحيى والنسائي وغيرهما: ضعيف. وقال يحيى مرة: ليس به بأس إلا أنَّه كان يدلس. وقال مرة: صدوق. وقال أبو حاتم الرازي: لا يكتب حديثه، ليس بالقوي. واختلف كلام ابن حبان.
وقال عبد الحق في الأحكام الوسطى (٢/ ٤٥) أبو جناب هذا لا يؤخذ من حديثه إلا ما قال فيه حدثنا؛ لأنَّه كان يدلس وهو أكثر ما عيب به، ولم يقل في هذا الحديث نا عكرمة ولا ذكر ما يدل عليه. وقال ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (٧٩٢): هذا هو الذي ينبغي أن يعل به هذا الخبر.
وقال ابن حجر في التلخيص (٢/ ٣٨) مداره على أبي جناب الكلبي عن عكرمة، وأبو جناب ضعيف ومدلس أيضًا، وقد عنعنه، وأطلق الأئمة على هذا الحديث الضعف: كأحمد، والبيهقي، وابن الصلاح، وابن الجوزي، والنووي، وغيرهم، وخالف الحاكم فأخرجه في مستدركه، لكن لم يتفرد به أبو جناب، بل تابعه أضعف منه وهو جابر الجعفي، … وله متابع آخر من رواية وضاح بن يحيى عن مندل بن علي، عن يحيى بن سعيد، عن عكرمة، قال ابن حبان في الضعفاء: وضاح لا يحتج به، كان يروي الأحاديث التي كأنَّها معمولة، ومندل أيضًا ضعيف. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (٢٢/ ٢٨٣) حديث موضوع؛ بل ثبت في حديث صحيح لا معارض له أنَّ النبي كان يصلي وقت الضحى لسبب عارض؛ لا لأجل الوقت ....
وقال الألباني في الضعيفة (٢٩٣٧) غريب منكر، … أبو جناب الكلبي … مدلس مشهور؛ قال الحافظ: ضعفوه لكثرة تدليسه. قلت [الألباني]: ولعله دلسه عن بعض الكذابين.
تنبيه: في رواية البزار والدارقطني والحاكم: ركعتا الفجر بدل الضحى.
٢: جابر بن يزيد الجعفي: رواه البزار - كشف الأستار (٢٤٣٤) - حدثنا يوسف بن موسى، ثنا وكيع بن الجراح، عن إسرائيل ومحمد بن نصر - مختصر قيام الليل ص: (٢٥٢) - حدثنا أحمد بن عمرو، أخبرنا وكيع، عن إسرائيل، عن جابر، عن عكرمة، عن ابن عباس ، قال: قال رسول الله : «أُمِرْتُ بِرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَالْوِتْرِ، وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ بِحَتْمٍ» ورواية المروزي: «أُمِرْتُ بِالْوِتْرِ وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى، وَلَمْ يُكْتَبْ» وإسناده ضعيف جدًا. جابر بن يزيد الجعفي ضعفه شديد. وإسرائيل هو ابن يونس.
وأعله ابن الملقن في البدر المنير (٤/ ٣٢٨) وابن حجر - وتقدم - بالجعفي. فالحديث منكر.
٣: يحيى بن سعيد الأنصاري: رواه ابن شاهين في ناسخ الحديث (٢٠١) حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن عبد الله بن زياد بن سابور، قال: حدثنا وضاح بن يحيى، قال: حدثنا مندل، عن يحيى بن سعيد، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله : «ثَلَاثٌ هُنَّ عَلَيَّ فَرِيضَةٌ، وَهُنَّ لَكُمْ تَطَوَّعٌ؛ الْوَتْرُ، وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ، وَرَكْعَتَا الضُّحَى» وإسناده ضعيف جدًا.
في إسناده الوضاح بن يحيى النهشلي ترجم له ابن حبان في المجروحين فقال: منكر الحديث يروي عن الثقات الأشياء المقلوبات التي كأنَّها معمولة لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد لسوء حفظه وإن اعتبر معتبر بما وافق الثقات من حديثه فلا ضير.
ومندل - مثلث الميم - ابن علي العَنَزي ضعفه الإمام أحمد وعلي ابن المديني والنسائي وقال أبو زرعة: لين الحديث. فالحديث منكر والله أعلم.
وأعل الحديث الذهبي في تنقيح التحقيق (١/ ٢١٠) وابن الملقن في البدر المنير (٤/ ٣٢٨) وابن حجر - وتقدم - بوضاح ومندل.
٤: أبان بن أبي عياش: قال ابن عبد البر في التمهيد (٢٣/ ٢٩٠) روى أبو عصمة نوح بن أبي مريم عن أبان بن أبي عياش عن عكرمة عن ابن عباس قال قال: رسول الله «الْوِتْرُ عَلَيَّ فَرِيضَةٌ وَهُوَ لَكُمْ تَطَوُّعٌ وَالْأَضْحَى عَلَيَّ فَرِيضَةٌ وَهُوَ لَكُمْ تَطَوُّعٌ وَالْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَيَّ فَرِيضَةٌ وَهُوَ لَكُمْ تَطَوُّعٌ»
قال ابن عبد البر: هذا حديث منكر لا أصل له ونوح بن أبي مريم ضعيف متروك … مجتمع على ضعفه وكذلك أبان بن أبي عياش مجتمع على ضعفه وترك حديثه.
ثانيًا: المرسل: رواه عبد الرزاق (٤٥٧٣) عن معمر، عن أبان، عن عكرمة قال: قال النبي : «ثَلَاثٌ هُنَّ عَلَيَّ فَرِيضَةٌ وَلَكُمْ تَطَوُّعٌ: الضَّحِيَّةُ، وَصَلَاةُ الضُّحَى، وَالْوِتْرُ» وإسناده ضعيف.
تقدم أنَّ ضعف أبان بن أبي عياش شديد. فالحديث عن أبان منكر موصولًا ومرسلًا.
فأسانيد الحديث موصولًا ومرسلًا ضعفها شديد لا يقوي بعضها بعضًا فالحديث منكر والله أعلم.

<<  <   >  >>