للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثالث: في الحديث الأجر لا يحصل إلا بالنية ولا تلازم بينه وبين صحة الصلاة.

الدليل الثاني: عن ابن عمر ، أنَّ رسول الله ، قال: «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» (١).

وجه الاستدلال: صلاة الجماعة عبادة يترتب عليها ثواب زائد على أصل الصلاة فافتقرت إلى نية الإمامة والائتمام (٢).

الرد: كالذي قبله.

الدليل الثالث: قول النبي : «الْإِمَامُ ضَامِنٌ، وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ، اللَّهُمَّ أَرْشِدِ الْأَئِمَّةَ، وَاغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ» (٣).


(١) رواه البخاري (٦٤٥) ومسلم (٦٥٠).
(٢) انظر: أسنى المطالب (١/ ٢٢٥) ونهاية المحتاج (٢/ ٢٠٨).
(٣) الحديث جاء من رواية:
١: أبي هريرة . ٢: عائشة . ٣: ابن عمر . ٤: أبي أمامة . ٥: أبي محذورة . ٦: سهل بن سعد . ٧: جابر . ٨: أنس . ٩: واثلة بن الأسقع . ١٠: مرسل الحسن. ١١: مرسل عطاء.
الحديث الأول: حديث أبي هريرة : رواه عن أبي هريرة أبو صالح ذكوان السمان ورواه عنه:
١: سليمان بن مهران الأعمش. ٢: أبو إسحاق السبيعي. ٣: سهيل بن أبي صالح. ٤: محمد بن جحادة. ٥: أبو هاشم الرُماني. ٦: صالح بن أبي صالح.
الرواية الأولى: رواية سليمان بن مهران الأعمش رواه عنه:
أولًا: الجماعة: رواه جمع منهم سفيان الثوري عند عبد الرزاق (١٨٣٨) والشافعي في الأم (١/ ١٥٩) وأحمد (٧٧٥٩) (٩٦٢٦) (٩٧٤٨) وابن خزيمة (١٥٢٨) ومعمر عند عبد الرزاق (١٨٣٨) وابن خزيمة (١٥٢٨) ومحمد بن عبيد عند أحمد (٩١٩٣) ومحمد بن فضيل عند أحمد (٩١٩٣) وزائدة عند أبي داود الطيالسي (٢٤٠٤) وأحمد (٩١٩٣) وأبو الأحوص سلام بن سليم عند الترمذي (٢٠٧) وأبو معاوية محمد بن خازم عند الترمذي (٢٠٧) والطبراني في الأوسط (٧٤) والبزار (٩١٤٤) وأبو عوانة الوضاح اليشكري عند الطحاوي في شرح مشكل الآثار (٢١٩١) وعيسى بن يونس عند ابن خزيمة (١٥٢٨) وصدقة بن أبي عمران عند الطبراني في الأوسط (٣٠٥٤) وسلام بن أبي مطيع عند الطبراني في الأوسط (٨٥٨٧) يروونه عن سليمان بن مهران الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة ، قال رسول الله : فذكره ورواته ثقات وفيه علة.
والسند منقطع فالأعمش مدلس ولم يسمعه من أبي صالح إنَّما سمعه منه بواسطة ولم يسمه.
ثانيًا: عبد الله بن نمير ومحمد بن فضيل وشجاع بن الوليد وأسباط بن محمد وإبراهيم بن حميد الرؤاسي: رواه عبد الله بن نمير عند أحمد (٨٧٤٧) والبزار (٩١٤٦) وابن خزيمة (١٥٢٩) ومحمد بن فضيل عند أحمد (٧١٢٩) - وعنه أبو داود (٥١٧) - وشجاع بن الوليد عند الترمذي في العلل الكبير (١/ ٢٠٨) والبزار (٩١٤٦) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (٢١٩٣) وأسباط بن محمد - انظر جامع الترمذي (١/ ٤٠٢) - وإبراهيم بن حميد الرؤاسي - انظر: علل الدارقطني (١٠/ ١٩٥) - يروونه عن الأعمش، عن رجل، عن أبي صالح، - وفي بعض الروايات حدثت عن أبي صالح - عن أبي هريرة عن النبي فذكره وإسناده ضعيف للمبهم.
قال سفيان الثوري - تاريخ ابن معين (٢٤٣٠) - لم يسمع الأعمش هذا الحديث من أبي صالح.
وقال البيهقي (١/ ٤٣٠) هذا الحديث لم يسمعه الأعمش باليقين من أبي صالح وإنَّما سمعه من رجل عن أبي صالح.
وقال ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (٢/ ٤٣٥) منقطع، … ومعنعن الأعمش عرضة لتبين الانقطاع، فإنَّه مدلس، وأبين ما يكون الانقطاع بزيادة واحد في حديث من عرف بالتدليس، فإنَّه إذا كان ثقة يختلف في قبول معنعنه ما لم يقل: حدثنا، أو أخبرنا، أو سمعت، فإنَّه إذا قال ذلك قبل إجماعًا لثقته، وإذا لم يقل ذلك قبله قوم ما لم يتبين في حديث بعينه أنَّه لم يسمعه، ورده آخرون ما لم يتبين أنَّه سمعه. فهذا الحديث من ذاك القبيل.
وقال البزار: رواه غير واحد عن الأعمش قال حدثت عن أبي صالح.
وقال ابن الجوزي في العلل المتناهية (١/ ٤٣٧) هذا حديث لا يصح … والأعمش يحدث عن ضعاف والدليل على أنَّ الأعمش لم يسمع من أبي صالح.
وقال ابن خزيمة: رواه ابن نمير عن الأعمش، وأفسد الخبر. قال أبو عبد الرحمن: لم يتفرد ابن نمير بهذه الرواية حتى ينسب للخطأ فتابعه محمد بن فضيل وأبو بدر شجاع بن الوليد وأسباط بن محمد وإبراهيم بن حميد الرؤاسي.
وقال الألباني في الإرواء (٢١٧) التحقيق الذى يقتضيه البحث العلمي الدقيق: أنَّ الأعمش سمعه عن رجل عن أبي صالح، ثم سمعه من أبي صالح دون واسطة.
قال أبو عبد الرحمن: لو لم يكن الأعمش مدلسًا لقيل بذلك ومما يدل على تدليسه أنَّه تارة يرويه عن أبي صالح بالعنعنة وتارة يسقط أبا صالح ويرويه عن أبي هريرة وتارة يبهم شيخه الذي سمعه من أبي صالح.
وقال الطحاوي إنَّ شجاعًا قد رواه عن الأعمش كما ذكر، ولكنَّ هشيمًا وهو فوقه قد قال فيه: عن الأعمش قال: حدثنا أبو صالح، والله أعلم بالحقيقة في ذلك. قال أبو عبد الرحمن: الجواب عن رواية هشيم في التالي.
ثالثًا: هشيم بن بشير: رواه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (٢١٨٧) حدثنا أبو أمية قال: حدثنا سريج بن النعمان الجوهري والخطابي في غريب الحديث (١/ ٦٣٦) حدثنا الحسن بن عثمان البناني نا عمر بن سعيد نا يحيى بن يحيى نا قالا: حدثنا هشيم، عن الأعمش قال: حدثنا أبو صالح، عن أبي هريرة ، عن النبي فذكره ورواة الطحاوي محتج بهم.
قال الإمام أحمد - مسائله رواية أبي داود (١٨٧١) - هشيم لم يسمع حديث أبي صالح «الْإِمَامُ ضَامِنٌ» من الأعمش، وذاك أنَّه قيل لأحمد: إنَّ هشيمًا قال فيه: عن الأعمش، قال: ثنا أبو صالح، وسمعت أحمد مرة أخرى، سئل عن هذا الحديث، فقال: حدث به سهيل، عن الأعمش، ورواه ابن فضيل، عن الأعمش، عن رجل، ما أرى لهذا الحديث أصلًا.
تنبيه: في رواية الخطابي عنعنة الأعمش عن أبي صالح ولم يتبين لي شيخ الخطابي وشيخ شيخه.
وأبو أمية هو محمد بن إبراهيم بن مسلم.
رابعًا: سهيل بن أبي صالح: رواه الشافعي في الأم (١/ ٨٧) أخبرنا إبراهيم بن محمد والطبراني في الأوسط (٤٣٦٣) حدثنا عبد الله بن أيوب القربي ح (٨٥٤٩) حدثنا معاذ والطحاوي في شرح مشكل الآثار (٢١٨٨) حدثنا ابن أبي داود قالوا: حدثنا أمية بن بسطام قال: حدثنا يزيد بن زريع حدثنا روح بن القاسم ورواه الطحاوي (٢١٨٩) حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي قال: حدثنا سعيد بن أبي مريم قال: حدثنا محمد بن جعفر ح (٢١٩٠) حدثنا محمد بن علي بن يزيد المكي قال: حدثنا محرز بن سلمة قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم ورواه ابن خزيمة (١٥٢٨) والبزار (٩١٤٥) قالا: حدثنا أحمد بن عبدة أخبرنا عبد العزيز بن محمد وسليمان بن بلال، وعبد الله بن جعفر - انظر: علل الدارقطني (١٠/ ١٩٢) - يروونه عن سهيل بن أبي صالح، عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله فذكره ورواته ثقات.
إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي ضعفه شديد قال ابن معين كذاب وقال النسائي والدارقطني متروك. وكذلك عبد الله بن أيوب القربي قال الدارقطني: متروك. وكذلك عبد الله بن جعفر والد علي بن المديني قال النسائي: متروك الحديث وبقية رواته محتج بهم.
ومعاذ هو ابن المثنى العنبري وابن أبي داود هو إبراهيم البرلسي. ومحمد بن علي بن يزيد المكي الصواب ابن زيد.
قال الطبراني لم يرو هذا الحديث عن روح إلا يزيد بن زريع. قال أبو عبد الرحمن لم يتفرد به روح. فتابعه محمد بن جعفر بن أبي كثير وسليمان بن بلال التيمي وعبد العزيز بن محمد الدراوردي وعبد العزيز بن أبي حازم المخزومي.
وقال البزار: هذا الحديث رواه روح بن القاسم عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة ، عن النبي ولم يذكر الأعمش، ورواه غير واحد عن الأعمش قال حدثت عن أبي صالح.
وقال ابن حبان (٤/ ٥٦٠) وهم من أدخل بين سهيل وأبيه فيه الأعمش لأنَّ الأعمش سمعه من سهيل لا أنَّ سهيلًا سمعه من الأعمش. وخالفه ابن المديني فقال: - التلخيص الحبير (١/ ٣٧٠) - لم يسمع سهيل هذا الحديث من أبيه، إنَّما سمعه من الأعمش، ولم يسمعه الأعمش من أبي صالح.
ورواه البيهقي (١/ ٤٣٠) بإسناده عن الشافعي وقال: هذا الحديث لم يسمعه سهيل من أبيه إنَّما سمعه من الأعمش. فرجع الحديث لرواية الأعمش المنقطعة والله أعلم
خامسًا: الأوزاعي، وعيسى بن يونس: رواه الطبراني في الأوسط (٥٢٧٠) حدثنا محمد بن النهرتيري، ثنا عبد الكريم بن أبي عمير الدهقان، ثنا الوليد بن مسلم قال: حدثني أبو عمرو الأوزاعي، وعيسى بن يونس، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : فذكره وإسناده ضعيف.
قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن الأوزاعي إلا الوليد، تفرد به: عبد الكريم بن أبي عمير.
وقال الذهبي في الميزان عبد الكريم بن أبي عمير الدهان عن الوليد بن مسلم فيه جهالة، والخبر منكر.
ونقل الخطيب في تاريخه عن الدارقطني قوله: حدث به شيخ لأهل بغداد جليل يعرف بأبي عبد الله النهرتيري عن عبد الكريم بن أبي عمير بهذا الإسناد. وقد حدث به عامة شيوخنا عنه، وهذا حديث معروف بأبي عبد الله النهرتيري أنَّه تفرد بروايته بهذا الإسناد من رواية الأوزاعي عن الأعمش، لا أعلم أحدًا تابعه عليه. وقال الدارقطني في علله (١٠/ ١٩٣) قيل: عن الأوزاعي، وليس بمحفوظ.
تنبيه: في كتب التراجم عبد الكريم بن أبي عمير الدهان وليس الدهقان.
سادسًا: شريك بن عبد الله القاضي: رواه أحمد (٩١٩٣) قال حدثنا أسود والطحاوي في شرح مشكل الآثار (٢١٨٦) حدثنا أبو أمية قال: حدثنا أبو غسان وابن الجعد (٢١١٨) قالوا: حدثنا شريك، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : فذكره ورواته محتج بهم.
شريك بن عبد الله النخعي قال الحافظ ابن حجر: صدوق يخطاء كثيرًا. لكنَّه متابع وبقية رواته محتج بهم وتقدم أنَّ المحفوظ عن الأعمش عن رجل عن أبي صالح.
وأسود هو ابن عامر شاذان وأبو غسان هو مالك بن إسماعيل النهدى وأبو أمية هو محمد بن إبراهيم.
ورواه ابن عدي (٤/ ١٢) ثنا علي بن أشكاب ثنا يحيى بن إسحاق ثنا شريك عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة أنَّ رسول الله قال: «المُؤَذِّنَ أَمْلَكُ بِالأَذَانِ، وَالإِمَامُ أَمْلَكُ بِالإِقَامَةِ اللهم أَرْشِدِ الأئمة، واغْفِرْ للمؤذِّنين» ورواته ثقات عدا شريك بن عبد الله.
قال ابن عدي: هذا بهذا اللفظ لا يروى إلا عن شريك من رواية يحيى بن إسحاق عنه وإنَّما رواه الناس عن الأعمش بلفظ آخر وهو قوله: «الْإِمَامُ ضَامِنٌ وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ، اللَّهُمَّ أَرْشِدِ الْأَئِمَّةَ، وَاغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ».
وقال البيهقي في سننه (٢/ ١٩) روى عن شريك عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعًا وليس بمحفوظ. فأشار ابن عدي والبيهقي لشذوذ الحديث بلفظ «المُؤَذِّنَ أَمْلَكُ بِالأَذَانِ، وَالإِمَامُ أَمْلَكُ بِالإِقَامَةِ» والظاهر أنَّ الخطأ من شريك والله أعلم.
سابعًا: أبو حمزة السكري: رواه البزار (٩٢٦٦) أخبرنا بن منصور بن سيار حدثنا عتاب بن زياد والبيهقي (١/ ٤٣٠) أخبرنا أبو طاهر الفقيه حدثنا أبو بكر: محمد بن الحسين القطان حدثنا أبو الموجه: محمد بن عمرو بن الموجه أخبرنا عبد الله بن عثمان قالا حدثنا أبو حمزة السكري عن الأعمش عن أبي صالح، عن أبي هريرة ، قال: قال رسول الله «الإِمَامُ ضَامِنٌ وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ، اللَّهُمَّ أَرْشِدِ الأَئِمَّةَ وَاغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ» قالوا يا رسول الله لقد تركتنا نتنافس في الأذان بعدك فقال رسول الله : «إِنَّهُ يَكُونُ بَعْدِي أَوْ بَعْدَكُمْ قَوْمٌ سَفِلَتُهُمْ مُؤَذِّنُوهُمْ» ورواته ثقات.
أبو حمزة محمد بن ميمون السكري ثقة لكنَّه مختلط قال أحمد ما بحديثه عندي بأس وقال في رواية: قبل أن يذهب بصره فهو صالح، سمع عتاب منه بعدما ذهب بصره. وقال الدوري كان من ثقات الناس ولم يكن يبيع السكر وإنَّما سمي السكري لحلاوة كلامه وقال النسائي ثقة وقال في رواية: لا بأس بأبي حمزة إلا أنَّه كان قد ذهب بصره في آخر عمره فمن كتب عنه قبل ذلك جيد. فرواية عتاب بن زياد عنه بعد الاختلاط لكن هل رواية عبدان عنه كذلك؟ الله أعلم. وبقية رواته ثقات.
قال البزار (١٦/ ١٥٩) هذا الحديث قد روى صدره جماعة عن الأعمش على اضطرابهم فيه وفي إسناده، وآخر هذا الحديث لا نعلم رواه إلا أبو حمزة السكري ولم يتابع عليه.
وقال ابن عبد البر في الاستذكار (١/ ٣٧٧) انفرد بهذه الزيادة فيه أبو حمزة وليس بالقوي وقال في التمهيد (١٩/ ٢٢٥) هذه الزيادة لا تجيء إلا بهذا الإسناد وهو إسناد رجاله ثقات معروفون أبو حمزة السكري وعتاب بن زياد مروزيان ثقتان.
فاختلف اجتهاد ابن عبد البر في أبي حمزة السكري.
وقال الدارقطني في علله (١٠/ ١٩٥) رواه أبو حمزة السكري: عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة ، وزاد فيه ألفاظًا لم يأت بها غيره. وقال الذهبي في الرد على ابن القطان ص: (٦١): زيادة منكرة. وقال ابن الملقن في البدر المنير (٣/ ٣٩٩) رواية غريبة.
قال: أبو عبد الرحمن: فزيادة: «إِنَّهُ يَكُونُ بَعْدِي أَوْ بَعْدَكُمْ قَوْمٌ سَفِلَتُهُمْ مُؤَذِّنُوهُمْ» إن لم تكن شاذة فهي منكرة والله أعلم.
الرواية الثانية: رواية أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي: رواه الترمذي في العلل (١/ ٢٠٧) حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي، والبزار (٨٩٢٤) حدثنا محمد بن موسى القطان والفضل بن سهل، وابن خزيمة (١٥٣٠) نا موسى بن سهل الرملي والطحاوي في شرح مشكل الآثار (٢١٩٤) حدثنا أبو أمية والطبراني في الأوسط (٣٦٠٥) حدثنا سعد بن يحيى الرقي قال: نا علي بن المديني قالوا: نا موسى بن داود الضبي حدثنا زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن أبي صالح، عن أبي هريرة عن النبي فذكره وإسناده ضعيف.
وفي الحديث علتان:
الأولى: اختلاط أبي إسحاق السبيعي: ورواية زهير بن معاوية عنه بعد الاختلاط قال أبو زرعة زهير بن معاوية ثقة إلا أنَّه سمع من أبي إسحاق بعد الاختلاط وروى عن أحمد أنَّه قال إذا سمعت الحديث عن زائدة وزهير فلا تبال أن لا تسمعه من غيرهما إلا حديث أبي إسحاق.
الثانية: تدليس أبي إسحاق: فلم يسمع الحديث من أبي صالح جاء في حاشية ترجمة أبي إسحاق من تهذيب الكمال: قال الآجري: سألت أبا داود عن حديث زهير بن أبي إسحاق [الصواب زهير عن أبي إسحاق] عن أبي صالح عن أبي هريرة : «الْإِمَامُ ضَامِنٌ … »؟ قال: لم يسمعه أبو إسحاق من أبي صالح.
وقال البزار: هذا الحديث إنَّما يعرف من حديث الأعمش، ولا أحسب أبا إسحاق سمعه من أبي صالح.
وقال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن أبي إسحاق، إلا زهير، ولا رواه عن زهير، إلا موسى بن داود الضبي.
وقال الدارقطني في علله (١٠/ ١٩٦) رواه زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق السبيعي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة ، قاله موسى بن داود عنه، فإن كان موسى حفظه، فقد أغرب به، وحدث به الفضل بن محمد العطار، وكان ضعيفًا، عن أبي خيثمة مصعب بن سعيد، عن زهير، عن أبي إسحاق أيضًا. وقال غيرهما: عن زهير، عن الأعمش، وهو الصواب.
قال أبو عبد الرحمن: موسى بن داود توسط فيه الحافظ ابن حجر فقال: صدوق له أوهام فاحتمال كون الخطأ منه واردًا ومتابعة مصعب بن سعيد تبرؤه من العهدة لو كانت تصلح للاعتبار لكنَّ ضعفها شديد قال ابن الجوزي في الضعفاء والمتروكون الفضل بن محمد العطار عن مصعب بن سعيد عن زهير قال الدارقطني يكذب ويضع الحديث. ويحتمل أنَّ أبا إسحاق السبيعي دلسه عن الأعمش أو عن شيخ الأعمش المجهول والله اعلم.
الرواية الثالثة: رواية سهيل بن أبي صالح: رواه أحمد (٩١٤٦) حدثنا قتيبة، حدثنا عبد العزيز بن محمد وابن حبان (١٦٧٢) أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبد العزيز بن محمد وابن خزيمة (١٥٣١) نا الحسين بن الحسن، أخبرنا يزيد بن زريع، ثنا عبد الرحمن بن إسحاق؛ ح وثنا علي بن حجر، ثنا محمد بن عمار - وسفيان بن عيينة انظر: علل الدارقطني (١٠/ ١٩١) - يروونه عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة عن النبي فذكره رواته ثقات.
والكلام في عبد العزيز بن محمد الدراوردي معروف وعبد الرحمن بن إسحاق القرشي العامري توسط فيه الحافظ ابن حجر فقال: صدوق رمى بالقدر. وبقية رواته ثقات.
وتقدم من رواية الدراوردي عن سهيل بن أبي صالح، عن الأعمش عن أبي صالح.
قال الحافظ ابن حجر في نتائج الأفكار (١/ ٣٤٨) رواه محمد بن جعفر بن أبي كثير وهو من رجال الصحيحين عن سهيل عن الأعمش عن أبي صالح فرجع إلى رواية الأعمش.
الرواية الرابعة: رواية محمد بن جحادة: رواه الطبراني في الأوسط (٩٤٨٦) حدثنا يعقوب بن مجاهد، وابن عدي (٢/ ٣٠٨) ثنا ابن أبي داود قالا ثنا المنذر بن الوليد، نا أبي، نا الحسن بن أبي جعفر، عن محمد بن جحادة، عن أبي صالح، عن أبي هريرة ، أنَّ رسول الله قال: فذكره وإسناده ضعيف جدًا.
قال ابن عدي هذا الحديث لا يرويه عن ابن جحادة إلا ابن أبي جعفر.
والحسن بن أبي جعفر الجفري ضعفه شديد، قال عمرو بن علي والبخاري والساجي منكر الحديث وضعفه أحمد ويحيى بن سعيد والنسائي وقال ابن عدي: الحسن بن أبي جعفر أحاديثه صالحة وهو يروي الغرائب وخاصة عن محمد بن جحادة له عنه نسخة يرويها المنذر بن الوليد الجارودي عن أبيه عنه وله عن محمد بن جحادة غير ما ذكرت أحاديث مستقيمة صالحة وهو عندي ممن لا يتعمد الكذب وهو صدوق، وقال علي بن المديني: يهم في الحديث. فهذه الرواية منكرة.
وابن أبي داود هو أبو بكر عبد الله وأبو داود هو صاحب السنن.
الرواية الخامسة: رواية أبي هاشم يحيى الرُماني: رواه الدارقطني في جزء أبي الطاهر الذهلي (١٤٢) حدثنا الحسن بن علي بن الوليد، قال: حدثنا خلف بن عبد الحميد، قال: حدثنا أبو الصباح، عن أبي هاشم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة ، قال: قال رسول الله : فذكره وإسناده ضعيف جدًا.
في إسناده عبد الغفور بن عبد العزيز أبو الصباح الواسطي ضعفه شديد قال البخاري: تركوه منكر الحديث، وقال يحيى بن معين: ليس حديثه بشيء، وضعفه أبو حاتم: وقال ابن عدي: منكر الحديث، وقال ابن حبان: كان ممن يضع الحديث. فهذه الرواية منكرة.
الرواية السادسة: رواية صالح بن أبي صالح: رواه الدقاق في فوائده (٢٤٦) أخبرنا محمد قال: حدثنا يحيى قال: حدثنا عبد الله بن شبيب أبوسعيد الربعي قال: حدثنا إسماعيل بن أبي أويس قال: حدثنا محمد بن إسماعيل يعني ابن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب، عن صالح بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة ، أنَّ رسول الله قال: «الْإِمَامُ ضَامِنٌ، وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ» وإسناده ضعيف جدًا.
في إسناده عبد الله بن شبيب الربعي ضعفه شديد قال ابن حبان يقلب الأخبار ويسرقها لا يجوز الاحتجاج به. فهذه الرواية منكرة.
فالأعمش لم يسمع الحديث من شيخه أبي صالح إنَّما سمعه من مبهم لم يذكر اسمه - ليتبن الحكم على الحديث - فتارة يسقط هذا المبهم وتارة يسقطه وشيخه أبا صالح فرواه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (٢١٩٢) حدثنا فهد قال: حدثنا عمر بن حفص بن غياث النخعي قال: حدثنا أبي، عن سليمان قال: قال أبو هريرة : قال رسول الله ، ثم ذكر مثله فقيل له: إنَّك قد ذكرته عن أبي صالح؟ فقال: نعم، فخذوه عنه.
فحديث أبي هريرة مضطرب سندًا ومتنًا والمحفوظ لفظ «الْإِمَامُ ضَامِنٌ، وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ، اللَّهُمَّ أَرْشِدِ الْأَئِمَّةَ، وَاغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ» من رواية الأعمش عن رجل عن أبي صالح عن أبي هريرة والله أعلم. وتقدم قول البزار: على اضطرابهم فيه وفي إسناده. ولحديث أبي هريرة طريق أخرى عن عطاء، عن أبي هريرة وضعفها شديد وتأتي في آخر البحث في مرسل عطاء.
الحديث الثاني: حديث عائشة : رواه أحمد (٢٣٨٤٢) وإسحاق بن راهويه (١١٢٥) والبخاري في التاريخ الكبير (١/ ٧٨) والترمذي - العلل الكبير (١/ ٢٠٩) - حدثنا محمود بن غيلان وأبو يعلى (٤٥٦٢) حدثنا محمد بن عبد الله والطحاوي في شرح مشكل الآثار (٢١٩٥) حدثنا علي بن معبد والعقيلي في الضعفاء الكبير (٤/ ٤٣٥) حدثنا محمد بن إسماعيل، وعبد الله بن أحمد والبيهقي (١/ ٤٢٥) حدثنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن داود العلوي أخبرنا أبو بكر: محمد بن علي بن أيوب بن سلمويه حدثنا محمد بن يزيد السلمى قالوا حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ ورواه ابن خزيمة (١٥٣٢) نا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، وابن حبان (١٦٧١) أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا محمد بن سلمة المرادي قالا حدثنا عبد الله بن وهب والعقيلي في الضعفاء الكبير (٤/ ٤٣٥) حدثنا حسن بن موسى الأسدي، حدثنا محمد بن سعيد بن الأصبهاني، حدثنا يحيى بن يعلى الأسلمي القطواني، قالوا - المقرئ وابن وهب والقطواني - حدثنا حيوة بن شريح قال: حدثني نافع بن سليمان، أنَّ محمد بن أبي صالح حدثه، عن أبيه، أنَّه سمع عائشة ، تقول: قال رسول الله : «الْإِمَامُ ضَامِنٌ، وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ، فَأَرْشَدَ اللهُ الْإِمَامَ، وَعَفَا عَنِ الْمُؤَذِّنِ» وإسناده ضعيف.
يحيى بن يعلى القطواني ضعيف لكنَّه متابع للثقتين ابن يزيد وابن وهب.
ونافع بن سليمان نقل ابن أبي حاتم عن أبيه في الجرح والتعديل قوله: صدوق يحدث عن الضعفاء مثل بقية ونقل عنه في العلل قوله ليس بقوي ووثقه ابن معين وذكره ابن حبان في ثقاته.
ومحمد بن ذكوان السمان ذكره البخاري في الكبير وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا وقال أبو حاتم في علل ابنه سهيل بن أبي صالح وعباد بن أبي صالح أخوان ولا أعلم لهما أخًا، إلا ما رواه حيوة بن شريح … وقال ابن معين لا أعرفه وقال الدارقطني مجهول وذكره ابن حبان في ثقاته وقال يخطئ وقال الذهبي لا يعرف.
ففي رواية محمد عن أبيه أبي صالح جعله من حديث عائشة وفي رواية الأعمش - المتقدمة - من رواية أبي صالح ذكوان السمان جعله من حديث أبي هريرة والذي يظهر لي أنَّ رواية محمد بن أبي صالح عن أبيه عن عائشة إن لم تكن منكرة فهي شاذة والله أعلم.
قال ابن خزيمة: الأعمش أحفظ من مائتين مثل محمد بن أبي صالح.
وقال أبن أبي حاتم في علله (٢١٧) لأبيه قلت: فأيهما أصح؟: قال حديث الأعمش، ونافع بن سليمان ليس بقوي. وقال الترمذي في العلل الكبير (١/ ٢٠٩) سمعت محمد بن إسماعيل يقول: حديث أبي صالح عن عائشة أصح من حديث أبي هريرة في هذا الباب، وسألت أبا زرعة فقال: حديث أبي هريرة أصح عندي من حديث عائشة ، وذكر عن علي بن المديني قال: لا يصح حديث عائشة ولا حديث أبي هريرة ، وكأنَّه رأى أصح شيء في هذا الباب عن الحسن عن النبي مرسلًا.
وقال الحافظ في التلخيص (١/ ٣٧١) رجح العقيلي، والدارقطني طريق أبي صالح عن أبي هريرة ، على طريق أبي صالح عن عائشة .
وذهب ابن حبان لصحة الحديثين فقال (٤/ ٥٥٩): سمع هذا الخبر أبو صالح السمان عن عائشة على حسب ما ذكرناه وسمعه من أبي هريرة مرفوعًا فمرة حدث به عن عائشة وأخرى عن أبي هريرة وتارة وقفه عليه ولم يرفعه.
والذي يظهر لي أنَّ حديث أبي هريرة ضعيف لجهالة شيخ الأعمش وحديث عائشة كذلك ضعيف وقول البخاري وأبي حاتم وأبي زرعة أصح ليس تصحيحًا لحديث أبي هريرة ولا لحديث عائشة كما هو متقرر عند المحدثين.
الحديث الثالث: حديث ابن عمر : روي عن ابن عمر مرفوعًا وموقوفًا ومقطوعًا:
أولًا: المرفوع رواه:
١: السراج في مسنده (٧٢) حدثنا محمد بن عقيل ثنا حفص، وحدثنا أحمد بن حفص بن عبد الله والبيهقي (١/ ٤٣١) أخبرنا أبو الحسن: محمد بن الحسين العلوي إملاء أخبرنا أبو حامد بن الشرقي حدثنا أحمد بن حفص وعبد الله بن محمد الفراء وقطن بن إبراهيم قالوا: حدثنا حفص بن عبد الله قال: حدثني إبراهيم بن طهمان ثنا سليمان الأعمش عن مجاهد عن ابن عمر أنَّ رسول الله قال: فذكره ورواته ثقات.
الأعمش مدلس وجل روايته عن مجاهد إذا كانت بالعنعنة عن ضعفاء - وهذه منها - قال يعقوب بن شيبة ليس يصح للأعمش عن مجاهد إلا أحاديث يسيرة قلت لعلي ابن المديني كم سمع الأعمش من مجاهد قال لا يثبت منها إلا ما قال سمعت هي نحو من عشرة وإنَّما أحاديث مجاهد عنده عن أبي يحيى القتات وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه في أحاديث الأعمش عن مجاهد قال أبو بكر بن عياش عنه حدثنيه ليث عن مجاهد.
فالأعمش مدلس واضطرب في إسناده فتارة يرويه مرفوعًا وتارة موقوفًا وتارة مقطوعًا وتارة عن مجاهد وتارة عن رجل وكذلك اضطرب في متنه فيرويه تارة بلفظ آخر: «يُغْفَرُ لِلْمُؤَذِّنِ مَدَّ صَوْتِهِ، … ».
وأشار البيهقي إلى إعلاله بقوله: هكذا رواه إبراهيم بن طهمان. قال أبو عبد الرحمن: إبراهيم بن طهمان ثقة إنَّما انتقد للإرجاء وتأتي رواية ابن طهمان عن الأعمش موقوفًا بلفظ آخر.
وتعقب ابن التركماني البيهقي في الجوهر النقي (١/ ٤٣١) بقوله: إن كان البيهقي قصد بذلك تعليل رواية ابن طهمان وهو الظاهر فترك بعض الرواة لا يعارض زيادة غيره لا سيما مع انفصال أحد المتنين عن الآخر في المعنى فهما حديثان مستقلان فبعض الرواة روى أحدهما وبعضهم شارك في ذلك وانفرد بالحديث الآخر. قال أبو عبد الرحمن: ليست علة الحديث الاضطراب في المتن فقط فإسناده أيضًا مضطرب.
٢: الطبراني في الأوسط (٧٧٥٥) حدثنا محمد بن يعقوب، نا أبو الأشعث أحمد بن المقدام، ثنا يوسف بن الحجاج، نا المعارك بن عباد، عن يحيى بن أبي الفضل، عن أبي الجوزاء، عن عبد الله بن عمر ، أنَّ رسول الله قال: «مَنْ أَمَّ قَوْمًا فَلْيَتَّقِ اللَّهَ، وَلِيَعْلَمْ أَنَّهُ ضَامِنٌ مَسْئُولٌ كَمَا ضَمِنَ، فَإِنْ أَحْسَنَ كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَا كَانَ مِنْ نَقْصٍ فَهُوَ عَلَيْهِ» وإسناده ضعيف جدًا.
قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن أبي الجوزاء إلا يحيى بن أبي الفضل، ولا رواه عن يحيى إلا المعارك، تفرد به يوسف بن الحجاج.
في إسناده المعارك بن عباد ضعفه شديد قال أبو زرعة واهي الحديث وقال أبو حاتم أحاديثه منكرة وقال الدارقطني ضعيف وذكره ابن حبان في الثقات وقال يخطئ ويهم وقال ابن عدي أنكرت عليه أحاديث غير محفوظة وقال العقيلي لا يصح حديثه.
وأبو الجوزاء أوس بن عبد الله الربعي هل سمع من ابن عمر أم لا؟. لم يتبين لي. فهذه الرواية منكرة والله أعلم.
٣: الحاكم - المنتخب من كتاب السياق لتاريخ نيسابور ص: (٢٣) - أخبرناه الشيخان أبو بكر صالح بن محمد بن يحيى، وأحمد بن عبد الملك، قالا: أنبا أبو نصر محمد بن الحسين الصوفي، ثنا أبو العباس الأصم، أنبا الربيع بن سليمان، أنا الشافعي، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر ، أنَّ النبي، ، قال: «الإِمَامُ ضَامِنٌ وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ، أَلا فَاعْدِلُوا صُفُوفَكُمْ وَسُدُّوا خَلَلَ الصُّفُوفِ» وإسناده ضعيف جدًا.
قال الحاكم: محمد بن الحسين بن محمد بن جعفر بن فضيل التاجر السكري أبو نصر الصوفي النيسابوري كان يحدث من حفظه، عن الأصم بالأباطيل، ويحفظ هذا الإسناد: عن الأصم، عن الربيع، عن الشافعي، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي، ، ويركب عليه الأحاديث، والله أعلم، عفا الله عنا وعنه فمن ذلك وذكر الحديث السابق.
وقال أبو صالح [أحمد بن عبد الملك]: ما كتبناه إلا عنه، وهو باطل بهذا الإسناد.
وقال ابن عدي في الكامل (٦/ ٢٩٤) حدثت عن أزهر عن ابن عون عن نافع عن ابن عمر عن النبي «الإِمَامُ ضَامِنٌ وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ» قال الشيخ وهذا باطل.
وهذه المتابعة ضعفها شديد فلا تتقوى بها رواية الأعمش السابقة.
ثانيًا: الموقوف: رواه ابن المنذر في الأوسط (٤/ ٢٧٠) حدثنا علي بن عبد العزيز، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا عبد السلام، عن ليث، عن مجاهد، عن عمر ، قال: «الإمام ضامن ولا يخص نفسه بشيء من الدعاء دونهم» مرسل إسناده ضعيف.
ليث بن أبي سليم قال الحافظ ابن حجر عنه: صدوق اختلط جدًا ولم يتميز حديثه فترك. ورواية مجاهد عن عمر مرسلة.
وعلي بن عبد العزيز هو البغوي وعبد السلام هو ابن حرب وأبو نعيم هو الفضل بن دكين.
ثالثًا: المقطوع: رواه ابن أبي شيبة (٢/ ٢٦٣) حدثنا أبو بكر بن عياش، ومحمد بن فضيل، عن ليث، عن مجاهد، قال: «إمام القوم ضامن، فلا يخص نفسه بشيء من الدعاء دونهم» وإسناده ضعيف.
فجعله ليث مقطوعًا على مجاهد وهذا من تخليط ليث بن أبي سليم والله أعلم.
وجاء عن ابن عمر بلفظ «الْمُؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ مَدَّ صَوْتِهِ، وَيَشْهَدُ لَهُ كُلُّ رَطْبٍ وَيَابِسٍ» وهو أيضًا مضطرب فروي مرفوعًا وموقوفًا ومقطوعًا على مجاهد.
أولًا: المرفوع رواه:
١: أحمد (٦١٦٦) والبزار - كشف الأستار (٣٥٥) - حدثنا محمد بن عبد الله المخرمي، والسراج في مسنده (٧١) حدثنا محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي وأحمد بن منصور الرمادي والبيهقي (١/ ٤٣١) أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس: محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن إسحاق قالوا: ثنا أبو الجوَّاب الأحوص بن جواب عن عمار بن رزيق وابن عدي (٤/ ٢٤٥) ثنا أبو عروبة ثنا أيوب بن محمد ثنا معمر والطبراني في الكبير (١٢/ ٣٩٨) حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، وخلف بن عمرو العكبري، قالا: ثنا داود بن رشيد، ثنا معتمر بن سليمان قالا حدثنا عبد الله بن بشر يرويانه - عمار بن رزيق وعبد الله بن بشر - عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عمر ، قال: قال رسول الله : فذكره ورواته ثقات.
قال ابن أبي حاتم في المراسيل: سألت أبي عن عبد الله بن بشر الرقي الذي يروي عنه معمر بن سليمان فقال لا يثبت له سماع من الحسن ولا من ابن سيرين ولا من عطاء ولا من الأعمش وإنَّما يقول كتب إلي أبو بكر بن عياش عن الأعمش. لكنَّه لم يتفرد به عن الأعمش فتابعه عمار بن رزيق وهو ثقة وثقه ابن معين وابن المديني وأبو زرعة.
والحديث مضطرب وفيه عنعنة الأعمش. ويأتي ترجيح الدارقطني لهذه الرواية في رواية عنه.
ومعمَّر هو ابن سليمان الرقي.
٢: أحمد (٦١٦٧) حدثنا معاوية، حدثنا زائدة، عن الأعمش، عن رجل، عن ابن عمر ، عن النبي قال: فذكره وإسناده ضعيف.
فيحتمل المبهم أنَّه مجاهد ويحتمل أنَّه ضعيف فدلسه الأعمش عنه والله أعلم. وبقية رواته ثقات.
ومعاوية هو ابن عمرو الأزدي. وزائدة هو ابن قدامة.
٣: البيهقي (١/ ٤٣١) أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد أخبرنا أبو سهل بن زياد القطان حدثنا يحيى بن أبي طالب حدثنا عمرو بن عبد الغفار حدثنا الأعمش عن مجاهد عن أبي هريرة قال قال رسول الله فذكره وإسناده ضعيف جدًا.
عمرو بن عبد الغفار الفقيمى ضعفه شديد قال أبو حاتم: متروك الحديث. وقال ابن عدي: اتهم بوضع الحديث. وقال العقيلي: منكر الحديث. فهذه الرواية منكرة.
وتابع عمرو بن عبد الغفار محمد بن عبيد الطنافسي. انظر علل الدارقطني (١٥٤٤) ولم أقف عليه.
تنبيه: لحديث أبي هريرة «الْمُؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ مَدَّ صَوْتِهِ … » طرق أخرى لكن بحثنا ليس فيه.
ثانيًا: الموقوف رواه:
١: السراج في مسنده (٧٣) حدثنا يوسف بن موسى ثنا جرير ح (٧٤) حدثنا محمد بن عقيل ثنا حفص بن عبد الله قال حدثني إبراهيم بن طهمان والبيهقي (١/ ٤٣١) أخبرنا أبو الحسن: محمد بن الحسين العلوي إملاء أخبرنا أبو حامد بن الشرقي حدثنا أحمد بن حفص وعبد الله بن محمد الفراء وقطن بن إبراهيم قالوا حدثنا حفص بن عبد الله حدثني إبراهيم بن طهمان يرويانه عن الأعمش عن مجاهد عن عبد الله بن عمر قال: فذكره ورواته ثقات.
وتقدم عن ابن طهمان مرفوعًا.
٢: عبد الرزاق (١٨٤٠) عن معمر، عن قتادة، أنَّ ابن عمر قال: «الإمام ضامن إن قدم أو أخر، وأحسن أو أساء» - قال معمر: ليس كل الحديث عن ابن عمر مرسل إسناده ضعيف.
قتادة مدلس ولم يسمع من ابن عمر .
ثالثًا: المقطوع: رواه ابن أبي شيبة (١/ ٢٢٦) حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن مجاهد، قال: «المؤذن يشهد له كل شيء رطب ويابس سمعه» ورواته ثقات.
ويأتي ترجيح الدارقطني له - والله أعلم - في رواية.
فحديث ابن عمر عندي مضطرب جدًا ويصعب الترجيح بين رواياته لذا اختلف حكم الدارقطني في حديث «الْمُؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ مَدَّ صَوْتِهِ … » فقال: - في علله (١٥٤٤) -: يرويه الأعمش، واختلف عنه.
فرواه محمد بن عبيد الطنافسي، وعمرو بن عبد الغفار، عن الأعمش، عن مجاهد، عن أبي هريرة .
وقال عمار بن رزيق: عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عمر .
وقال غيرهم: عن الأعمش، عن مجاهد مرسل، والمرسل أشبه. والظاهر أنَّه يقصد المقطوع فله حكم الرفع والله أعلم.
وقال: - في علله (٣١١٥) - يرويه الأعمش، واختلف عنه؛ فرواه عمار بن رزيق، وعبد الله بن بشر، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عمر وقال زائدة: عن الأعمش، عن رجل، عن ابن عمر .
وقيل: عن إسماعيل بن زكريا، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس .
والصحيح: عن مجاهد، عن ابن عمر . فرجح حديث ابن عمر الموصول وتقدم ترجيحه لمرسل مجاهد وهذا يدل على شدة الاختلاف في الحديث وتقارب الروايات في القوة والله أعلم.
فالحديث مضطرب مداره على الأعمش عن مجاهد عن ابن عمر والأعمش مدلس وروايته عن مجاهد بالعنعة عن الضعفاء وقد اضطرب في إسناده ومتنه والمتابعات المتقدمة للأعمش ومجاهد لا تصلح للاعتبار والله أعلم.
الحديث الرابع: حديث أبي أمامة : روي مرفوعًا وموقوفًا:
أولًا: المرفوع: رواه الطبراني في الكبير (٨/ ٣٤٣) حدثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث، ثنا محمود بن آدم المروزي، ثنا الفضل بن موسى، وأحمد (٢١٧٣٥) حدثنا زيد بن الحباب قالا ثنا حسين بن واقد، حدثني أبو غالب، أنَّه سمع أبا أمامة يقول: قال رسول الله : «الْإِمَامُ ضَامِنٌ، وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ» وإسناده ضعيف.
ثانيًا: الموقوف: رواه البيهقي (١/ ٤٣٢) أخبرنا أبو نصر بن عبد العزيز أخبرنا علي بن الفضل الخزاعى أخبرنا أبو شعيب حدثنا على ابن المديني حدثنا روح بن عبادة حدثنا حماد بن سلمة أخبرنا أبو غالب قال سمعت أبا أمامة يقول: «المؤذنون أمناء المسلمين، والأئمة ضمناء قال والأذان أحب إلى من الإمامة» وإسناده ضعيف.
الحديث تفرد به أبو غالب واضطرب في إسناده فتارة يرفعه وتارة يجعله موقوفًا على أبي أمامة وأبو غالب اختلف في توثيقه فقال ابن معين صالح الحديث ووثقه موسى بن هارون والدارقطني في رواية وفي رواية قال يعتبر به وقال ابن عدي لم أر في أحاديثه حديثًا منكرًا وأرجو أنَّه لا بأس به وحسن الترمذي بعض أحاديثه وصحح بعضها.
وقال أبو حاتم ليس بالقوي وضعفه ابن سعد والنسائي وقال ابن حبان لا يجوز الاحتجاج به إلا فيما وافق الثقات وتوسط فيه ابن حجر فقال: صدوق يخطاء.
واضطرابه في الحديث يدل على عدم حفظه له والله أعلم.
تنبيه: اختلف في اسم أبي غالب فقيل حزور وقيل سعيد بن الحزور وقيل عبد الله بن حزور.
الحديث الخامس: حديث أبي محذورة : رواه الطبراني في الكبير (٧/ ١٧٦) حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، والحسين بن إسحاق التستري والبيهقي في الكبرى (١/ ٤٢٦) أخبرنا أبو الحسن: علي بن أحمد بن عمر المقرئ ابن الحمامي -رحمه الله تعالى- ببغداد أخبرنا أحمد بن سلمان الفقيه حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان قالوا: ثنا يحيى الحماني، ثنا إبراهيم بن أبي محذورة، عن أبيه، عن جده، عن أبي محذورة، قال: قال رسول الله : «الْمُؤَذِّنُونَ أُمَنَاءُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى فِطْرِهِمْ وَسُحُورِهِمْ» وإسناده ضعيف جدًا.
يحيى بن عبد الحميد الحِمَّاني ترجم له الذهبي في الميزان فقال: وثقه يحيى بن معين وغيره وأما أحمد فقال: كان يكذب جهارًا وقال النسائي: ضعيف وقال البخاري: كان أحمد وعلي يتكلمان فيه وقال محمد بن عبد الله بن نمير: ابن الحماني كذاب وقال مرة: ثقة وقال ابن عدي: ليحيى الحماني مسند صالح … قال: والحماني يقال إنَّ عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي أودعه كتبه لما خرج من مكة، فلما جاء وجد كتبه محلولة، فقال عبد الله: إنَّه سرق من كتبه أحاديث لسليمان بن بلال، حدث بها الحماني، عن سليمان نفسه. قال ابن عدي: ولم أر في مسنده وأحاديثه أحاديث مناكير، وأرجو أنَّه لا بأس به. قلت: [الذهبي] ضعف.
وإبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة ضعفه ابن معين والأزدي، وذكره ابن حبان في الثقات وقال يخطئ. وعبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة ذكره ابن حبان في ثقاته وقال الحافظ ابن حجر: مقبول.
فالحديث منكر والله أعلم قال الحافظ ابن حجر في نتائج الأفكار (١/ ٣٤٤) حديث غريب تفرد به يحيى وفيه مقال.
الحديث السادس: حديث سهل بن سعد الساعدي : رواه ابن ماجه (٩٨١) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا سعيد بن سليمان والحاكم (١/ ٢١٦) حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أنبأ إسحاق بن الحسن الحربي، حدثنا سريج بن النعمان قالا: حدثنا عبد الحميد بن سليمان، أخو فليح، قال: حدثنا أبو حازم، قال كان سهل بن سعد الساعدي يقدم فتيان قومه، يصلون بهم، فقيل له: تفعل ولك من القدم ما لك، قال: إنِّي سمعت رسول الله يقول: «الْإِمَامُ ضَامِنٌ، فَإِنْ أَحْسَنَ فَلَهُ وَلَهُمْ، وَإِنْ أَسَاءَ، يَعْنِي، فَعَلَيْهِ، وَلَا عَلَيْهِمْ» وإسناده ضعيف.
عبد الحميد بن سليمان الخزاعي ضعيف قال أحمد ما كان أرى به بأسًا وقال ابن معين ليس بشيء وقال ابن المديني وصالح بن محمد الأسدي ضعيف وقال النسائي ضعيف وقال في رواية ليس بثقة وكذلك قال الدارقطني وأبو داود وقال يعقوب بن سفيان لم يكن بالقوي في الحديث وقال ابن عدي هو ممن يكتب حديثه وقال أبو أحمد الحاكم ليس بالقوي عندهم. فتفرد عبد الحميد بن سليمان به يدل على نكارته والله أعلم.
قال ابن رجب في الفتح (٦/ ١٨٢) ذكر هذا الحديث الإمام أحمد، فقال: ما سمعت بهذا قط وهذا يشعر باستنكاره له. وقال الحاكم: حديث صحيح على شرط مسلم.
وأبو حازم هو سلمة بن دينار.
الحديث السابع: حديث جابر : رواه الطبراني في الأوسط (٣٥٤٥) حدثنا خلف بن عمرو العكبري والدارقطني (١/ ٣٢٢) حدثنا محمد بن مخلد ثنا أبو حاتم الرازي قالا: نا عبد الله بن الزبير الحميدي قال: نا موسى بن شيبة، عن محمد بن كليب، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله : «الْإِمَامُ ضَامِنٌ فَمَا صَنَعَ فَاصْنَعُوا» وإسناده ضعيف.
قال الطبراني: لا يروى هذا الحديث عن جابر بن عبد الله إلا بهذا الإسناد، تفرد به الحميدي.
موسى بن شيبة بن عمرو بن عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري ذكره البخاري في الكبير ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا وقال أبو حاتم صالح الحديث وقال أحمد أحاديثه مناكير وذكره ابن حبان في ثقاته.
ومحمد بن كليب بن جابر الأنصاري وثقه أبو زرعة وذكره ابن حبان في ثقاته وقال الدارقطني يعتبر به.
والحميدي المصنف المشهور.
قال ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (٥٥٥) هل سمع محمد بن كليب بن جابر من جده جابر أم لا؟ فإنِّي رأيت البخاري لما ذكره إنَّما قال: يروي عن محمود ومحمد ابني جابر، فأمَّا زيادة ابن أبي حاتم في كتابه حيث قال: روى عن جابر ومحمد ومحمود ابني جابر فإنَّما ذلك أخذ من هذا الإسناد، وليس في قوله: عن جابر ، ما يؤذن بسماعه منه.
وأشار ابن الجوزي في العلل المتناهية (٧٤٣) إلى إعلاله بموسى بن شيبة. وقال ابن رجب في الفتح (٦/ ٢٥٩) في إسناده مقال.
تنبيه: قال البيهقي في السنن (١/ ٤٣٢) روى ذلك عن يونس عن الحسن عن جابر وليس بمحفوظ.
ولم أقف عليه ويأتي مرسل الحسن.
وذكر الحافظ ابن حجر قول البيهقي السابق في نتائج الأفكار (١/ ٣٤٥) وقال قلت: ولو ثبت عنه فسماعه من جابر مختلف فيه.
الحديث الثامن: حديث أنس رواه:
١: ابن عدي في الكامل (٢/ ١٠٤) ثنا محمد بن عبيد الله بن فضيل ثنا ابن مصفى ثنا بقية عن ثور بن يزيد عن أبان عن أنس عن النبي قال: فذكره وإسناده ضعيف جدًا.
في إسناده أبان بن أبي عياش ضعفه شديد قال أحمد بن حنبل لا يكتب عنه كان منكر الحديث ترك الناس حديثه وقال يحيى بن معين والنسائي والرازي والدارقطني متروك وقال ابن عدي أرجو أنَّه لا يتعمد الكذب لكنَّه يشتبه عليه ويغلط. فالحديث منكر.
قال ابن عدي: هذا الحديث لم يجود إسناده غير ابن مصفى عن بقية عن ثور عن أبان عن أنس ورأيت غير ابن مصفى روى عن بقية عن ثور عن من حدثه عن أنس . قال أبو عبد الرحمن: لم أقف على هذه الرواية التي أشار إليها ابن عدي لكن لعلهم دلسوه لشدة ضعف أبان بن أبي عياش والله أعلم.
٢: أبو بكر الإسماعيلي في معجم أسامي شيوخه (١/ ٤٦٧) حدثنا محمد بن أحمد بن سهيل، حدثنا وهب بن بقية، أخبرنا هشيم، عن سفيان بن حسين، عن الزهري، عن أنس ، قال: قال رسول الله : «الْمَؤَذِّنُونَ أُمَنَاءُ، وَالأَئِمَّةُ ضُمَنَاءُ؛ فَأَرْشَدَ اللَّهُ الأَئِمَّةَ، وَغَفَرَ لِلْمُؤَذِّنِينَ» وإسناده ضعيف جدًا.
محمد بن أحمد بن سهيل ضعفه شديد قال أبو زرعة كتبت عنه وهو ممن يضع الحديث وقال ابن عدي: حدثنا عنه غير شيخ وكتبنا عنه بالبصرة وهو ممن يضع الحديث متنًا وإسنادًا وهو يسرق حديث الضعاف يلزقها على قوم ثقات وقال الأسماعيلي في ترجمته ليس بذاك. فالحديث موضوع.
الحديث التاسع: حديث واثلة بن الأسقع : رواه تمام في فوائده (١٢١٣) حدثنا أبو علي محمد بن هارون، ثنا محمد بن يحيى بن منده، ثنا محمد بن عثمان بن كرامة ثنا عبيد الله بن موسى، عن عنبسة ح (١٢١٢) أخبرنا محمد بن عبد الله بن خالد السامري الحافظ، ثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث، ثنا محمد بن عبد الملك، نا يزيد بن هارون: أنا عنبسة بن سعيد والطبراني (٢٢/ ٨٤) حدثنا عبيد العجل، ومحمد بن محمد بن عقبة الشيباني قالا ثنا الحسن بن علي الحلواني، ثنا يزيد بن هارون، ح وحدثنا أحمد بن زهير التستري، ثنا ابن كرامة، ثنا عبيد الله بن موسى كلاهما عن عنبسة بن سعيد، عن حماد، مولى بني أمية، عن جناح، مولى الوليد، عن واثلة قال: قال رسول الله : فذكره وإسناده ضعيف جدًا.
عنبسة بن سعيد القطان ضعفه شديد ترجم له ابن حبان في المجروحين فقال: منكر الحديث جدًا على قلة روايته لا يجوز الاحتجاج به إذا لم يوافق الثقات وكان يزيد بن هارون يسميه عنبسة المجنون. وكذلك حماد، مولى بنى أمية قال الأزدي: متروك. وجناح، مولى الوليد بن عبد الملك ذكره البخاري في الكبير وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا وذكره ابن حبان في ثقاته وقال الذهبي ضعفه الأزدي. فالحديث منكر والله أعلم.
تنبيه: في فوائد تمام (١٢١٢) سقط في السند والتصحيح من الروض البسام (٢٦٧).
الحديث العاشر: مرسل الحسن البصري: رواه مسدد - إتحاف الخيرة المهرة (٨٧٦) قال: ثنا عبد الوارث والشافعي في الأم (١/ ٨٧) قال أخبرنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي والبيهقي (١/ ٤٣١) بإسناده عن محمد بن أبي عدي يروونه عن يونس بن عبيد، عن الحسن قال: قال رسول الله : «المؤذنون أمناء المؤمنين على صلاتهم وسحورهم» مرسل رواته ثقات.
وتقدم قول الترمذي: ذكر عن علي ابن المديني قال: لا يصح حديث عائشة ولا حديث أبي هريرة ، وكأنَّه رأى أصح شيء في هذا الباب عن الحسن عن النبي مرسلًا. وقال الدارقطني في علله (١٥٥٥) الصحيح عن يونس، عن الحسن مرسلًا، عن النبي . وقال ابن الملقن في البدر المنير (٣/ ٢٢٥) حديث الحسن يحتج به وهو العمدة إذًا؛ فإنَّه انضم إلى إرساله اتصاله من وجوه أخر.
قال أبو عبد الرحمن: أصح ما جاء في هذا الباب مرسل الحسن البصري ويتقوى بما تقدم فحديث أبي هريرة فيه جهالة شيخ الأعمش الراوي عن أبي صالح وحديث عائشة الخلاف في جهالة عين محمد بن ذكوان السمان وحديث ابن عمر فيه عنعة الأعمش عن مجاهد واضطرابه في إسناده ومتنه وفي حديث أبي أمامة ضعف أبي غالب واضطرابه في إسناده وبقية الأحاديث الموصولة لا تصلح للاعتبار وكذلك يتقوى بمرسل عطاء بن أبي رباح الآتي فالذي يظهر لي أنَّ حديث «الْإِمَامُ ضَامِنٌ، وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ، اللَّهُمَّ أَرْشِدِ الْأَئِمَّةَ، وَاغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ» ثابت بمجموعه والله أعلم.
تنبيه: قال الموصلي في المغني عن الحفظ والكتاب - جنة المرتاب (٢/ ٢٥٩) - قال ابن المديني: لا يصح في هذا الباب عن النبي حديث صحيح، إلا حديثًا رواه الحسن مرسلًا.
والذي وقفت عليه من كلام علي ابن المديني - ما تقدم - من تضعيف حديثي أبي هريرة وعائشة .
الحديث الحادي عشر: مرسل عطاء بن أبي رباح: رواه الإمام أحمد - مسائله رواية ابنه صالح (١٠٨٩) - قال حدثنا أبو حفص المعيطي قال حدثنا عبد الملك العزرمي قال حدثنا عطاء قال قال رسول الله «الْإِمَامُ ضَامِنٌ، وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ، وَأَرْشِدِ الْأَئِمَّةَ» وإسناده ضعيف.
عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي ترجم له ابن حبان في ثقاته فقال: ربما أخطأ حدثني محمد بن المنذر قال سمعت أبا زرعة يقول سمعت أحمد بن حنبل ويحيى بن معين يقولان عبد الملك بن أبي سليمان ثقة قال أبو حاتم كان عبد الملك من خيار أهل الكوفة وحفاظهم والغالب على من يحفظ ويحدث من حفظه أن يهم وليس من الإنصاف ترك حديث شيخ ثبت صح عدالته بأوهام يهم في روايته ولو سلكنا هذا المسلك للزمنا ترك حديث الزهري وابن جريج والثوري وشعبة لأنَّهم أهل حفظ وإتقان وكانوا يحدثون من حفظهم ولم يكونوا معصومين حتى لا يهموا في الروايات بل الاحتياط والأولى في مثل هذا قبول ما يروى الثبت من الروايات.
وأبو حفص عمر بن حفص المعيطي قال أبو حاتم لا بأس به وذكره ابن حبان في ثقاته. فالنفس تميل إلى تضعيف إسناد هذا المرسل.
وروي موصولًا رواه ابن الأعرابي في معجمه (١٤٥٩) نا الحسن بن مكرم، نا أبو منصور الحارث بن منصور الواسطي، نا عمر بن قيس، أخو حميد بن قيس المكي عن عطاء، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : «الْإِمَامُ ضَامِنٌ لِصَلَاةِ الْقَوْمِ» وإسناده ضعيف.
في إسناده عمر بن قيس المكي ضعفه شديد قال أحمد متروك ليس يسوي حديثه شيئًا لم يكن حديثه بصحيح أحاديثه بواطيل وقال أبو داود وعمرو بن علي والنسائي وأبو حاتم متروك الحديث وقال البخاري منكر الحديث. فوصل الحديث منكر والله أعلم. وتقدم حديث أبي هريرة عن أبي صالح.

<<  <   >  >>