للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبيه قال: حدثني داود بن عيسى الكوفي، عن منصور بن المعتمر قال: حدثني علي بن عبد الله بن عباس قال: حدثني أبي، أنَّ أباه ، بعثه إلى رسول الله في حاجة قال: فوجدته جالسًا مع أصحابه في المسجد، فلم أستطع أن أكلمه، فلما صلى المغرب، قام يركع حتى أذن المؤذن لصلاة العشاء، وثاب الناس (١)، ثم صلى الصلاة، فقام يركع حتى انصرف من بقي في المسجد، ثم انصرف إلى منزله، وتبعته، فلما سمع حسي قال: «مَنْ هَذَا؟» والتفت إلي فقلت: ابن عباس قال: «ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ؟» قلت: ابن عم رسول الله. قال: ««مَرْحَبًا بِابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ، مَا جَاءَ بِكَ؟» فقلت: بعثني أبي بكذا وكذا. قال: «السَّاعَةَ جِئْتَ؟» فقلت: لا. فقال: «إِذْ لَمْ تَنْصَرِفْ إِلَى سَاعَتِكَ هَذِهِ فَلَسْتَ مُنْصَرِفًا». فدخل منزله، ودخلت معه. فقلت: لأنظرنَّ صلاة رسول الله الليلة، فنام حتى سمعت غطيطه (٢)، ثم استيقظ فرمى ببصره إلى السماء وتلا هذه الآيات التي في سورة آل عمران: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ الآيات الخمس، حتى انتهى إلى: ﴿إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ [آل عمران: ١٩٠ - ١٩٤] ثم قال: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي سَمْعِي نُورًا، وَفِي بَصَرِي نُورًا، وَمِنْ فَوْقِي نُورًا، وَمِنْ تَحْتِي نُورًا، وَعَنْ يَمِينِي نُورًا، وَعَنْ شِمَالِي نُورًا، وَاجْعَلْ لِي عِنْدِكَ نُورًا» وإلى جانبه مخضب من برام (٣) مطبق عليه سواك (٤)، فاستن (٥)، ثم توضأ، ثم ركع ركعتين، ثم عاد فنام أيضًا حتى سمعت غطيطه، ثم استيقظ فتلا الآيات ودعا بالدعوة، ثم استن، ثم توضأ ثم ركع ركعتين، ثم نام حتى سمعت غطيطه، ثم استيقظ فتلا الآيات، ثم دعا بالدعوة، ثم استن، ثم توضأ، ثم ركع ركعتين، ثم نام حتى سمعت غطيطه، ثم استيقظ فتلا الآيات ودعا


(١) ثاب الناس: عادوا ورجعوا لصلاة العشاء ومنه قوله تعالى: ﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا﴾ [البقرة: ١٢٥] فيرجعون إليه مرة بعد مرة. انظر: غريب الحديث لابن قتيبة (١/ ١٧٣) ومشارق الأنوار (١/ ١٣٥) والنهاية في غريب الحديث (١/ ٢٢٧) وتهذيب اللغة (١٥/ ١١٣).
(٢) انظر: (ص: ٦٧).
(٣) المخضب هو مثل الإجانة التي يغسل فيها الثياب ويقال له المركن ومن برام أي حجر فالمخضب إناء من حجر.
انظر: غريب الحديث لأبي عبيد (٣/ ٩١) والنهاية في غريب الحديث (١/ ١٢١) (٢/ ٣٩) ومشارق الأنوار (١/ ٨٥، ٢٨٩) ومجمع بحار الأنوار (١/ ١٦٨).
(٤) مطبق عليه سواك أي فوقه سواك كقوله تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا﴾ [الملك: ٣] أي بعضها فوق بعض.
انظر: المحكم والمحيط الأعظم (٦/ ٢٩٢) وتهذيب اللغة (٩/ ٣٢) ولسان العرب (١٠/ ٢١٠) وتاج العروس (٢٦/ ٥٥).
(٥) انظر: (ص: ٦٧).

<<  <   >  >>