للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأمي، فأخبرته، قال: «فَأَنْتِ السَّوَادُ الَّذِي رَأَيْتُ أَمَامِي؟» قلت: نعم، فلهدني (١) في صدري لهدة أوجعتني، ثم قال: «أَظَنَنْتِ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ؟» .... (٢).

وجه الاستدلال: لو كان القسم غير واجب لما لحقت عائشة النبي (٣).

الرد من وجهين:

الأول: تغار المرأة المحبة لزوجها عليه من المباحات المتعلقة بالنساء لا سيما زوجاته فغارت عائشة من ذكر النبي خديجة (٤) وغارت من دخول النبي على زينب بنت جحش وشربه العسل عندها (٥) وهي أمور مباحة للنبي .

الثاني: يأتي الاستدلال بهذا الحديث على عدم وجوب القسم.

الدليل السادس: عن عائشة ، قالت: كان رسول الله يقسم فيعدل، ويقول: «اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي، فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي، فِيمَا تَمْلِكُ، وَلَا أَمْلِكُ» (٦).


(١) حشيًا: وقع عليك الحشا وهو الربو والتهيج الذي يعرض للمسرع في مشيه والمحتد في كلامه من ارتفاع النفس وتواتره.
فلهدني: لهده بتخفيف الهاء وتشديدها أي دفعه ويقال لهزه إذا ضربه بجمع كفه في صدره ويقرب منهما لكزه ووكزه.
انظر: شرح النووي على مسلم (٧/ ٦١).
(٢) رواه مسلم (٩٧٤).
(٣) انظر: إمتاع الأسماع (١٠/ ٢٣٥).
(٤) عن عائشة ، قالت: استأذنت هالة بنت خويلد أخت خديجة على رسول الله ، فعرف استئذان خديجة فارتاح لذلك فقال: «اللهُمَّ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ» فغرت فقلت: وما تذكر من عجوز من عجائز قريش، حمراء الشدقين، هلكت في الدهر فأبدلك الله خيرًا منها» رواه البخاري (٣٨٢١) مسلم (٢٤٣٧).
(٥) عن عائشة ، أنَّ النبي كان يمكث عند زينب بنت جحش فيشرب عندها عسلًا، قالت: فتواطأت أنا وحفصة أن أيتنا ما دخل عليها النبي ، فلتقل: إنِّي أجد منك ريح مغافير، أكلت مغافير؟ فدخل على إحداهما، فقالت ذلك له، فقال: «بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَلَنْ أَعُودَ لَهُ» رواه البخاري (٥٢٦٧) مسلم (١٤٧٤).
(٦) الحديث رواه أيوب السختياني واختلف عليه فرواه عنه:
الرواية الأولى: رواية حماد بن سلمة ورواه عنه:
١: يزيد بن هارون عند ابن أبي شيبة (٤/ ٣٧) وأحمد (٢٤٥٨٧) والنسائي (٣٩٤٣) وابن ماجه (١٩٧١) وابن حبان (٤٢٠٥).
٢: عفان بن مسلم عند أحمد (٢٤٥٨٧) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (٢٣٣).
٣: حجاج بن منهال عند الطحاوي في شرح مشكل الآثار (٢٣٢).
٤: بشر بن السري عند الترمذي (١١٤٠).
٥: عمرو بن عاصم الكلابى عند الدارمي (٢٢٠٣).
٦: موسى بن إسماعيل عند أبي داود (٢١٣٤) والحاكم (٢/ ١٨٧).
يروونه عن حماد بن سلمة، عن أيوب، عن أبي قلابة عبد الله بن زيد الجرمي، عن عبد الله بن يزيد الخطمي، عن عائشة ، قالت: فذكره ورواته ثقات لكنَّه شاذ.
حماد بن سلمة ثقة لكنَّه لما كبر ساء حفظه قال ابن سعد كان ثقة كثير الحديث وربما حدث بالحديث المنكر. ويخطئ في أحاديث أيوب خاصة وهذا منها قال أحمد أسند حماد بن سلمة عن أيوب أحاديث لا يسندها الناس عنه.
ورواه الثقات عن أيوب عن أبي قلابة مرسلًا وخالفهم حماد فوصل الحديث.
وصحح الحديث ابن حبان والحاكم وقال ابن كثير في تفسيره (٣/ ٥٠١) إسناده صحيح، ورجاله كلهم ثقات.
الرواية الثانية: رواية ابن علية ومعمر وحماد بن زيد وعبد الوهاب الثقفي: فرواه ابن أبي شيبة (٤/ ٣٧) اوبن سعد في الطبقات الكبرى (٨/ ١٣٥) عن إسماعيل بن إبراهيم ابن علية وعبد الرزاق في تفسيره (٢٣٦٢) عن معمر ورواه حماد بن زيد - جامع الترمذي (١١٤٠) وسنن النسائي (٣٩٤٣) - وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي - علل الدارقطني (٣١٧٦) - يروونه عن أيوب، عن أبي قلابة، قال: كان رسول الله يقسم بين نسائه فيعدل، ثم يقول: «اللَّهُمَّ هَذِهِ قِسْمَتِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ أَنْتَ وَلَا أَمْلِكُ» مرسل رواته ثقات.
قال الترمذي في العلل الكبير ترتيب القاضي أبي طالب (١/ ٤٤٨) سألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: رواه حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة مرسلًا.
وقال في الجامع رواه حماد بن زيد، وغير واحد، عن أيوب، عن أبي قلابة مرسلًا، … وهذا أصح من حديث حماد بن سلمة. وقال النسائي: أرسله حماد بن زيد.
وقال أبو زرعة - علل الحديث لابن أبي حاتم (١٢٧٩) -: لا أعلم أحدًا تابع حمادًا على هذا.
وقال الدارقطني في علله (٣١٧٦): رواه أيوب السختياني، واختلف عنه؛ فرواه حماد بن سلمة، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن عبد الله بن يزيد، عن عائشة . وأرسله عبد الوهاب الثقفي، وابن علية، عن أيوب، فقالا: عنه، عن أبي قلابة؛ أنَّ النبي . والمرسل أقرب إلى الصواب.
وقال الألباني في الإرواء (٧/ ٨٢) اتفق حماد بن زيد وإسماعيل بن علية على إرساله. وكل منهما أحفظ وأضبط من حماد بن سلمة، فروايتهما أرجح عند المخالفة، لاسيما إذا اجتمعا عليها.
قال أبو عبد الرحمن: وتابعهما عبد الوهاب الثقفي ومعمر بن راشد.

<<  <   >  >>