للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحديث السابع: حديث عائشة

عن عائشة ، قالت: «شرب رسول الله قائمًا وقاعدًا، ومشى حافيًا وناعلًا، وانصرف عن يمينه، وعن شماله» (١).


(١) حديث عائشة رواه:
١: مكحول الشامي: ٢: عبد الله بن عطاء. ٣: القاسم بن محمد. ٤: عطاء بن أبي رباح.
الرواية الأولى: رواية مكحول: اختلف عليه فيه فرواه:
١: أحمد (٢٤٠٤٦) حدثنا عصام بن خالد، قال: حدثنا عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عمن سمع مكحولًا، يحدث عن مسروق بن الأجدع، عن عائشة ، قالت: فذكره إسناده ضعيف.
عصام بن خالد الحضرمي قال النسائي: ليس به بأس وذكره ابن حبان في ثقاته.
وعبد الرحمن بن ثابت العنسي ضعيف قال أحمد أحاديثه مناكير وفي رواية عنه لم يكن بالقوي في الحديث وقال العجلي وأبو زرعة وابن خراش لين وقال يعقوب بن شيبة اختلف أصحابنا فيه فأمَّا ابن معين فكان يضعفه وأمَّا علي فكان حسن الرأي فيه وقال ابن ثوبان رجل صدق لا بأس به وقد حمل عنه الناس وقال عمرو بن علي حديث الشاميين ضعيف [قال أبو عبد الرحمن وهذا منه] إلا نفيرًا ووثقه دحيم وأبو حاتم وذكره ابن حبان في ثقاته. وقال ابن عدي له أحاديث صالحة وكان رجلًا صالحًا ويكتب حديثه على ضعفه وأبوه ثقة.
والمبهم إن كان محمد بن الوليد الزُّبَيدي - وهو ثقة - لكن يأتي أنَّه لم يسمعه من مكحول إضافة إلى ذلك هل سمع مكحول من مسروق. فنقل أبو زرعة عن أحمد بن صالح المصري إنكاره سماع مكحول من مسروق بن الأجدع.
فهذه الرواية فيها عبد الرحمن بن ثابت وهو ضعيف والمبهم والانقطاع بين مكحول ومسروق.
٢: إسحاق بن راهويه (١٦٢٤) والنسائي (١٣٦١) أخبرنا إسحق بن إبراهيم والطبراني في مسند الشاميين (٣٥٩٩) حدثنا موسى بن هارون، وجعفر الفريابي قالا: ثنا إسحاق بن راهويه وأبو الشيخ في أخلاق النبي (٧١٦) حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم، نا أبو عتبة قالا- ابن راهويه وأبو عتبة - أخبرنا بقية بن الوليد، حدثني محمد بن الوليد الزبيدي، عن مكحول، أنَّ مسروق بن الأجدع، حدثهم، عن عائشة ، منقطع رواته ثقات.
أبو عتبة أحمد بن الفرج ضعفه شديد لكنَّه متابع للحافظ ابن راهويه. وبقية بن الوليد مدلس تدليس تسوية وتقدم أنَّ مكحولًا لم يسمعه من مسروق ويأتي أنَّ محمد بن الوليد لم يسمعه من سليمان بن موسى فالذي يظهر لي أنَّ بقية أسقط ما يُضعَّف به الحديثُ. قال ابن حبان لا يحل أن يحتج ببقية إذا انفرد بشيء.
تنبيه: في مسند الشاميين (١٨٨٥) حدثنا موسى بن هارون، وجعفر بن محمد الفريابي، قالا: ثنا إسحاق بن راهويه، ثنا بقية، حدثني محمد بن الوليد، ثنا سليمان بن موسى، أنَّ مكحولًا، حدثهم عن مسروق، عن عائشة . والمحفوظ عن ابن راهويه ما تقدم.
٣: الطبراني في مسند الشاميين (١٨٨٤) حدثنا عمرو بن إسحاق، ثنا أبي، ثنا عمرو بن الحارث، ثنا عبد الله بن سالم، عن الزبيدي، ثنا سليمان بن موسى، عن مكحول، عن مسروق بن الأجدع عن عائشة وإسناده ضعيف.
سليمان بن موسى الأشدق وثقه دحيم ويحيى بن معين والدارقطني وابن سعد، وقال أبو حاتم: محله الصدق وفي حديثه بعض الاضطراب، ولا أعلم أحدًا من أصحاب مكحول أفقه منه، ولا أثبت منه، وقال البخاري: عنده مناكير وقال النسائي: ليس بالقوي في الحديث وقال في موضع آخر: في حديثه شيء وقال ابن عدي: أحد علماء أهل الشام، وقد روى أحاديث ينفرد بها، لا يرويها غيره، وهو عندي ثبت وذكر العقيلي عن ابن المديني أنَّه قال: كان من كبار أصحاب مكحول وكان خولط قبل موته بيسير وشيخ الطبراني لم أقف على من عدله وأبوه ضعفه الذهبي.
وعمرو بن الحارث الزبيدي ترجم له الذهبي في الميزان فقال: عن عبد الله بن سالم الأشعري فقط. وله عنه نسخة. تفرد بالرواية عنه إسحاق بن إبراهيم زبريق، ومولاة له اسمها علوة، فهو غير معروف العدالة. وابن زبريق ضعيف. إضافة إلى الانقطاع بين مكحول ومسروق.
وذكر الدارقطني في علله (٣٦٣١) الاختلاف السابق على مكحول وقال: الأشبه بالصواب قول من قال سليمان بن موسى، قاله عبد الله بن سالم الحمصي، وهو من الأثبات، في الحديث.
والذي يظهر لي أنَّ رواية مسروق لا تصلح للاعتبار لما تقدم والله أعلم.
الرواية الثانية: رواية عبد الله بن عطاء واختلف عليه فرواه:
١: إسحاق بن راهويه (١٦٢٣) أخبرنا عبيد الله بن موسى، نا إسرائيل، عن عبد الله بن عطاء، عن عائشة ، قالت: «انتعل رسول الله قائمًا وقاعدًا وشرب قائمًا وقاعدًا وأنفتل، عن يمينه وشماله» مرسل إسناده ضعيف.
عبيد الله بن موسى باذام العبسي حديثه في الصحيحين قال أحمد صاحب تخليط ووثقه ابن معين والعجلي وابن عدي وقال أبو حاتم صدوق ثقة حسن الحديث. واضطرب في الحديث.
وعبد الله بن عطاء الطائفي اختلف في توثيقه فوثقه الترمذي وقال الدارقطني ليس به بأس وذكره ابن حبان في ثقاته وضعفه النسائي. وهو أيضًا مدلس ولم يروه عن عائشة .
وهناك واسطة بين إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق وبين عبد الله بن عطاء فهل هذا سقط في السند أم اضطراب من عبيد الله بن موسى؟ الله أعلم.
٢: ابن سعد في الطبقات (١/ ٣٧٣) والبيهقي في شعب الإيمان (٥٩٨٧) أخبرنا أبو علي الروذباري، أنا الحسين بن الحسن بن أيوب الطوسي، أنا أبو حاتم الرازي قالا أخبرنا عبيد الله بن موسى العبسي قال: أخبرنا إسرائيل عن عبد الله بن عيسى عن محمد بن سعيد عن عبد الله بن عطاء عن عائشة إسناده ضعيف.
محمد بن سعيد إن كان الطائفي فقد وثقه البيهقي.
تنبيه: في نسختي من الطبقات طبعة دار الكتب العلمية الطبعة الثانية عن عبد الله بن عيسى عن محمد بن سعيد بن عبد الله بن عطاء والظاهر أنَّه خطأ من الناسخ أو الطباعة والله أعلم.
٣: قال البيهقي في شعب الإيمان (٥/ ١١٠) وقد قيل عن عبد الله بن عيسى، عن عبد الله بن عطاء، عن محمد بن سعيد، عن عائشة .
ومحمد بن سعيد الطائفي ليس له رواية عن الصحابة .
٤: البيهقي في شعب الإيمان (٥٩٨٦) أخبرنا أبو علي الروذباري، وأبو الحسين بن بشران، قالا: ثنا إسماعيل الصفار، ثنا سعدان بن نصر، ثنا أبو بدر، عن زياد بن خيثمة، عن عبد الله بن عيسى، عن عبد الله بن عطاء، عن عائشة مرسل رواته ثقات عدا عبد الله بن عطاء.
أبو علي الروذباري هو الحسين بن محمد وأبو الحسين بن بشران هو علي بن محمَّد بن عبد الله بن بشران وأبو بدر هو شجاع بن الوليد. وعبد الله بن عيسى هو حفيد عبد الرحمن بن أبي ليلى.
فالذي يظهر لي ضعف هذه الرواية وهي رواية مضطربة مدارها على عبد الله بن عطاء وهو مدلس ولا يعلم عن الواسطة التي بينه وبين عائشة والله أعلم.
الرواية الثالثة: رواية القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق: رواه أحمد (٢٤٧٥١) حدثنا الهيثم بن جميل، قال: حدثنا محمد بن مسلم، قال: حدثنا عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة : «أنَّ النبي دخل على امرأة من الأنصار، وفي البيت قربة معلقة، فاختنثها وشرب وهو قائم» إسناده ضعيف جدًا.
الهيثم بن جميل وثقه الإمام أحمد والعجلي وإبراهيم الحربي والدارقطني وقال ابن عدي: ليس بالحافظ يغلط على الثقات، وأرجو أنَّه لا يتعمد الكذب وقال أبو نعيم الأصبهاني: متروك وقال الذهبي: حافظ له مناكير وقال ابن حجر: ثقة من أصحاب الحديث، وكأنَّه ترك فتغير.
ومحمد بن مسلم الطائفي وثقه يعقوب بن سفيان والعجلي وقال الساجي صدوق يهم في الحديث وقال ابن معين إذا حدث من حفظه يخطاء وإذا حدث من كتابه فليس به بأس وذكره ابن حبان في الثقات وقال يخطئ وقال ابن عدي له أحاديث حسان غرائب وهو صالح الحديث لا بأس به ولم أر له حديثًا منكرًا وقال الميموني ضعفه أحمد على كل حال من كتاب وغير كتاب.
فتفرد الهيثم بن جميل عن محمد بن مسلم بالحديث يدل على نكارة الحديث. فهذه الرواية لا تصلح للاعتبار والله أعلم.
الرواية الرابعة: رواية عطاء بن أبي رباح: رواه الحارث بن أسامة - المطالب العالية (٢٤٢٧) - حدثنا يحيى بن هاشم ثنا ابن أبي ليلى والطبراني في الأوسط (١٢١٣) حدثنا أحمد قال: نا يحيى بن حكيم المقوم قال: نا مخلد بن يزيد الحراني، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، يرويانه عن عطاء عن عائشة قالت: «رأيت رسول الله يشرب قائمًا وقاعدًا، ويصلي منتعلًا وحافيًا، وينصرف من الصلاة عن يمينه وعن يساره» إسناده ضعيف.
يحيى بن هاشم السمسار ضعفه شديد كذبه ابن معين وصالح جزرة. وقال النسائي: متروك. وقال ابن عدي: يضع الحديث ويسرقه. ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى فيه ضعف، قال ابن حجر: صدوق سيء الحفظ جدًا. وشيخ الطبراني أحمد بن محمد بن الجهم السمري ترجم له الخطيب وغيره ولم أقف على من عدله.
ومخلد بن يزيد الحراني القرشي وثقه يحيى بن معين، وأبو داود، ويعقوب بن سفيان وذكره ابن حبان في ثقاته وقال أبو حاتم: صدوق وقال أحمد بن حنبل: لا بأس به، و كان يهم. وبقية رواته ثقات.
فهذه الرواية منكرة والله أعلم. فأصح روايات الحديث رواية مكحول عن مسروق وهي رواية فيها عدة علل منها الانقطاع بين مكحول ومسروق ورواية عبد الله بن عطاء رواية مضطربة ولا تعلم الواسطة التي بينه وبين عائشة وروايتا القاسم بن محمد وعطاء منكرتان فحديث عائشة لا يرتقي إلى درجة الحسن فيما ظهر لي والله أعلم.

<<  <   >  >>