للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحديث الثالث: حديث هريرة

عن هريرة ، «أنَّ رسول الله نهي أن يشرب الرجل قائمًا، وعن الشرب من في السقاء» (١).


(١) الحديث رواه عن أبي هريرة :
١: عكرمة مولى ابن عباس . ٢: محمد بن مسلم الزهري. ٣: أبو صالح ذكوان السمان ٤: أبو زياد الطحان. ٥: أبو غطفان المري.
الرواية الأولى: رواية عكرمة مولى ابن عباس : رواه أحمد (٨١٣٥) حدثنا عبد الصمد ثنا حماد والطحاوي في شرح معاني الآثار (٤/ ٢٧٢) حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا موسى بن إسماعيل ح وحدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قالوا: ثنا حماد بن سلمة، عن أيوب، عن عكرمة، عن أبي هريرة ، أنَّ رسول الله فذكره رواته ثقات.
حماد بن سلمة على جلالة قدره في حفظه شيء قال أحمد: أسند حماد بن سلمة عن أيوب أحاديث لا يسندها الناس عنه وقال البيهقي هو أحد أئمة المسلمين إلا أنَّه لما كبر ساء حفظه فلذا تركه البخاري وأما مسلم فاجتهد وأخرج من حديثه عن ثابت ما سمع منه قبل تغيره وما سوى حديثه عن ثابت لا يبلغ اثني عشر حديثًا أخرجها في الشواهد وأورده له ابن عدي في الكامل عدة أحاديث مما ينفرد به متنًا أو إسنادًا وقال حماد من أجلة المسلمين وقد حدث عنه من هو أكبر منه سنًا وقال ابن سعد كان ثقة كثير الحديث وربما حدث بالحديث المنكر. وقد خالف الحفاظ في هذه الرواية فزاد: «نهي أن يشرب الرجل قائمًا».
فالحديث رواه ابن علية إسماعيل بن إبراهيم عند أحمد (٩٩٤٧) والبخاري (٥٦٢٨) وسفيان بن عيينة عند أحمد (٧٣٢٦) والبخاري (٥٦٢٧) وحماد بن زيد عند أحمد (٧٤١٨) وعبد الوارث بن سعيد عند ابن ماجه (٣٤٢٠) يروونه عن أيوب السختياني، عن عكرمة، عن أبي هريرة بلفظ: «نهى النبي أن يشرب من في السقاء» من غير هذه الزيادة فزيادة: «نهي أن يشرب الرجل قائمًا» زيادة شاذة والله أعلم.
وعبد الصمد هو ابن عبد الوارث وابن أبي داود هو إبراهيم البرلسي وموسى بن إسماعيل هو المنقري وحجاج هو ابن منهال.
الرواية الثانية: رواية محمد بن مسلم الزهري: رواه معمر بن راشد عن محمد بن مسلم الزهري واختلف عليه فيه فرواه:
: أحمد (٧٧٤٨) حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن الزهري، عن رجل عن أبي هريرة ، قال: قال رسول الله : لَوْ يَعْلَمُ الَّذِي يَشْرَبُ وَهُوَ قَائِمٌ مَا فِي بَطْنِهِ، لَاسْتَقَاءَهُ» إسناده ضعيف. للمبهم.
٢: أبو يعلى - إتحاف الخيرة (٣٧٠٨/ ٣) - ثنا محمد بن عباد المكي، ثنا عبد الله بن معاذ الصنعاني، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (٥/ ٣٤٦) حدثنا أبو أمية قال: حدثنا علي بن بحر بن بري قال: حدثنا هشام بن يوسف يرويانه عن معمر، عن الزهري، عن أبي هريرة عن النبي فذكره مرسل رواته ثقات.
رواية الزهري عن أبي هريرة مرسلة. وأبو أمية هو محمد بن إبراهيم الخزاعي الطرسوسي.
٣: البزار (٨٠٥٠) حدثنا زهير بن محمد البغدادي، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن أبي هريرة، عن النبي فذكره ورواته ثقات.
قال البزار: هذا الحديث لا نعلم رواه عن الزهري عن عبيد الله، عن أبي هريرة إلا معمر، ولا عن معمر إلا عبد الرزاق.
ومعمر ثقة لكنَّه قد يخطئ في حديث الزهري سئل الجوزجاني: من أثبت في الزهري؟ قال: مالك من أثبت الناس فيه، وكذلك أبو أويس، وكان سماعهما من الزهري قريبًا من السواء إذ كانا يختلفان إليه جميعًا، ومعمر، إلا أنَّه يهم في أحاديث. فاضطرب معمر في الحديث والله أعلم.
الرواية الثالثة: رواية أبي صالح ذكوان السمان: رواه أحمد (٧٧٤٩) حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر وأبو يعلى - إتحاف الخيرة (٣٧٠٨/ ٤) - ثنا محمد بن عباد، ثنا عبد الله بن معاذ، عن معمر، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة عن النبي مثله [أي رواية الزهري]. إسناده ضعيف.
معمر ثقة لكن حديثه عن الأعمش ضعيف قال معمر: سقط مني صحيفة الأعمش فإنَّما أتذكره.
وتقدم الحديث عن محمد بن عباد، ثنا عبد الله بن معاذ، وعن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن أبي هريرة .
قال الأثرم في ناسخ الحديث ص: (٢٢٩) لم يروه غير معمر. وكان معمر مضطربًا في حديث الأعمش، ويخطئ فيه.
الرواية الرابعة: رواية أبي زياد الطحان: رواه مسدد - إتحاف الخيرة (٣٧٠٨/ ١) - ثنا يحيى وابن أبي شيبة - إتحاف الخيرة (٣٧٠٨/ ٢) -: ثنا شبابة، وأحمد (٧٩٤٣) وأبو يعلى - غاية المقصد (٤١٣٤) - قالا حدثنا محمد بن جعفر والبزار (٨٨٢١) حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا محمد بن جعفر وأحمد (٧٩٤٤) حدثنا حجاج والدارمي (٢١٢٤) أخبرنا سعيد بن الربيع والبزار (٨٨٢٢) حدثنا إبراهيم بن نصر، قال: حدثنا عمرو بن مرزوق والبزار (٨٨٢٣) حدثنا حفص بن عمر والطحاوي في شرح مشكل الآثار (٥/ ٣٤٧) حدثنا حسين بن نصر قال: حدثنا عبد الرحمن بن زياد قالوا أخبرنا شعبة، عن أبي زياد الطحان، قال: سمعت أبا هريرة يقول عن النبي : أنَّه رأى رجلًا يشرب قائمًا، فقال له: «قِهِ» قال: لمه؟، قال: «أَيَسُرُّكَ أَنْ يَشْرَبَ مَعَكَ الْهِرُّ؟» قال: لا، قال: «فَإِنَّهُ قَدْ شَرِبَ مَعَكَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مِنْهُ، الشَّيْطَانُ» وإسناده ضعيف.
تفرد بالحديث أبو زياد الطحان مولى الحسن بن علي ووثقه ابن معين وقال أبو حاتم شيخ صالح الحديث وقال الذهبي لا يعرف.
ويحيى هو الذهلي وشبابة هو ابن سوَّار.
وضعف الحديث الأثرم في ناسخ الحديث ص: (٢٢٩) بقوله: … عن أبي زياد وليس بالمشهور بالحديث ولا أعرف له عن أبي هريرة غيره.
تنبيه: في كشف الأستار (٢٨٩٦) حدثنا إبراهيم بن نصر، ثنا عمرو بن مرزوق، ثنا شعبة، قال إبراهيم: وحدثنا حفص بن عمر، ثنا شعبة، عن أبي الزناد، عن أبي هريرة ، مرفوعًا والذي في المسند من حديث شعبة عن أبي زياد.
الرواية الخامسة: رواية أبي غطفان المري: رواه مسلم (٢٠٢٦) حدثني عبد الجبار بن العلاء، حدثنا مروان يعني الفزاري، والبزار (٨٨١٢) حدثنا مصرف بن عمرو الكوفي فيما أعلم، قال: حدثنا أبو أسامة قالا حدثنا عمر بن حمزة، أخبرني أبو غطفان المري، أنَّه سمع أبا هريرة ، يقول: قال رسول الله : «لَا يَشْرَبَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ قَائِمًا، فَمَنْ نَسِيَ فَلْيَسْتَقِئْ» إسناده ضعيف.
عمر بن حمزة بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ضعفه شديد قال أحمد: أحاديثه مناكير وقال النسائي ضعيف وذكره ابن حبان في الثقات وقال كان ممن يخطاء وقال ابن عدي هو ممن يكتب حديثه.
وأبو أسامة هو حماد بن أسامة.
قال القاضي عبد الحق في الأحكام الوسطى (٤/ ١٧٤) في إسناده عمر بن حمزة العمري وهو ضعيف. وقال القاضي عياض في إكمال المعلم (٦/ ٤٩١) حديث عمر بن حمزة لا يحتمل مثل هذا الحديث لمخالفة غيره عن أبي غطفان عن أبي هريرة ، قالوا: وعمر بن حمزة لا يتحمل مثل هذا الحديث لمخالفة غيره له، والصحيح أنَّه موقوف على أبي هريرة .
قال أبو عبد الرحمن: لم يظهر لي وجه وقف هذا الحديث والله أعلم.
وتقدم إعلال الأثرم لرواية معمر ورواية أبي زياد وقال ثم أبين ذلك في ضعفه أنَّه قد سئل أبو هريرة عن الشرب قائمًا فقال: لا بأس به. فكان هذا خبر ساقط. وأثر أبي هريرة ضعيف وتقدم.
وتعقب الحافظ ابن حجر في الفتح (١٠/ ٨٣) القاضي عياض فقال: أمَّا تضعيفه لحديث أبي هريرة بعمر بن حمزة فهو مختلف في توثيقه ومثله يخرج له مسلم في المتابعات وقد تابعه الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة كما أشرت إليه عند أحمد وابن حبان فالحديث بمجموع طرقه صحيح والله أعلم.
قال أبو عبد الرحمن أمام هذا الاختلاف في تصحيح الحديث وتضعيفه فالذي يظهر لي أنَّ روايات عكرمة والزهري وأبي صالح السمان لا تصلح للاعتبار وكذلك رواية أبي غطفان المري لما تقدم فلم تبق إلا رواية أبي زياد الطحان وتقدم الخلاف فيه وروايته فيها أمران: الأول: النهي عن الشرب قائمًا وهذا ثبت من حديث أبي سعيد ومن حديث أنس فتشهد له الأحاديث الصحيحة فهو حسن. الثاني: الأمر بالقئ لم أقف له على شاهد صحيح فجاء من حديث الحضرمي وضعفه شديد فالظاهر أنَّ هذه الزيادة في أحسن الأحوال شاذة إن لم تكن منكرة والله أعلم.

<<  <   >  >>