للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأوّل: الأعمال بالنية ولكل امرئ ما نوى.

والثّانية: قوله: والحسبة.

فانظر إلى هذه النكات هل ترى شارحًا ذكرها أو حام حولها، وكل ذلك بالفيض الإِلهي والعناية الرّحمانية (١٩٤).

قلت: إشارته إلى أنّه اخترع ذلك لا يخفى بطلانها.

وقوله: كلّ ذلك بالفيض الإِلهي مسلم ولكن على السابق الذي أخذ كلامه الموجز وبسطه فغير مقاصده ووقع بذلك. في اعتراض لا جواب له عنه وهو أن يقال له: لو كان كما ظننت لا اعتراض عليك بأنّه كان يمكنه أن يقدم حديث سعد على حديث أبي مسعود فيصح التركيب ولا يفوت قصد التنبيه على ثلاث تراجم، هذا على تقدير تسليم أن حديث سعد يستفاد منه "ولِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى" فإن الذي يظهر أنّه موافق لحديث أبي مسعود، لأنّ لفظ حديث أبي مسعود: "إذا أَنْفَقَ الرَّجُلُ عَلى أَهْلِهِ يَحْتَسِبُهَا فَهُوَ لَهٌ صَدَقَةٌ"، وحديث سعد: "إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةَ تَبْتَغِي بهَا وَجْهَ اللهِ إِلَّا أُجِرْتَ بهَا". وإنّما المناسب لكل امرئ ما نوى قوله: "وَلَكَنْ جهَادٌ وَنيَّةٌ" وهو طَرف من حديث ابن عبّاس: "لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَلَكِنْ جِهَاد وَنِيَّةٌ" ومعناه أن نفي الهجرة بعد الفتح لا يمنع مقصود الهجرة، وهو الجهاد إذا خلصت فيه النية, وقد وقعت الإِشارة إلى أن النكتة في توسيط لفظ الحسبة بين الجملتين بألخص عبارة، فما الذي زاده حتّى يتبجح ولا قوة إِلَّا بالله.

قال (ح) في الكلام على حديث سعد بن أبي وقّاص: "إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغي بهَا وَجْهَ اللهِ إِلَّا أُجْرِتَ بهَا، حَتَّى ما تَجْعَلُ في فَمِ امْرَأتِكَ" قوله: "حَتى مَا تَجْعَلُ" حتّى عاطفة وما بعدَها منصوب المحل، وقد وقع في الرِّواية


(١٩٤) عمدة القاري (١/ ٣١١ - ٣١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>