ذكر فيه حديث أبي هريرة معلقًا، وأشار به إلى حديث له ذكر في الباب الذي بعده، فحق على كلّ من سمعه أن يشمته ... الحديث، وحديث البراء موصولًا وفيه الأمر بتشميت العاطس.
قال (ح): قال ابن بطّال: ليس في حديث البراء التفصيل الذي في التّرجمة، وإنّما ظاهره أن كلّ عاطس يشمت على التعميم، وإنّما التفصيل في حديث أبي هريرة الآتي، وكان ينبغي أن يذكره بلفظه في هذا الباب، ويذكر بعده حديث البراء، ليدل على أن حديث البراء وإن كان ظاهره العموم، لكن المراد الخصوص ببعض العاطسين، وهم الحامدون، قال: وهذا من الأبواب الّتي أعجلته المنية عن تهذيبها.
كذا قال، والواقع أن هذا الصنيع لا يختص بهذه التّرجمة، بل أكثر منه البخاريّ في الصّحيح، فطالما ترجم بالتقييد أو بالتخصيص، ويورد في الباب حديثًا مطلقًا أو عامًا يشير إلى مطلقه مقيد أو عمومه مخصوص بحديث آخر، إمّا أن يذكره في باب آخر، ويشير إليه إشارة كما فعل في هذا الباب، حيث قال "فيه أبو هريرة" فإنّه تخصيص التشميت بمن حمد، وهذا أدق التصرفين، وقد دل إكثاره من ذلك على أنّه فعله عن عهد منه، لا أنّه مات قبل تهذيبه، ولقد عد العلماء ذلك من دقيق فهمه ولطف تصرفه، فإن في إيثار الأخفى على الأجلى شحنًا للذهن وبعثًا للمطالب على تتبع طرق الحديث إلى غير ذلك من الفوائد (١٣٥٩).