ذكر فيه أن الثّوريّ لما أورد الجمع بين الصلاتين من رواية أنس بلفظ: كان إذا ارتحل قبل أن ترتفع الشّمس أخر الظهر إلى وقت العصر، ثمّ نزل فجمع بينهما.
قال: هذا صريح في الجمع بين الصلاتين في وقت الثّانية، وفيه إبطال قول الحنفية أن المراد بالجمع تأخير الأولى إلى آخر وقتها وتقديم الثّانية.
قال (ع): أول وقت العصر مختلف فيه فيحتمل أنّه أخر الظهر إلى أن صار ظل كلّ شيء مثله ثمّ صلاها، وصلّى العصر بعدها فيكون صلّى الظهر في وقتها على رأي من يقول: إنَّ آخر وقتها مصير الظل مثليه، وتكون العصر في وقتها على رأي من يقول: أن أول وقتها مصير الظل مثله، وكذا قال في حديث ابن عمر أنّه جمع بين المغرب والعشاء بعد أن غاب الشفق.
فقال (ع): الشفق نوعان أحمر وأبيض، فيحتمل أنّه جمع بينهما بعد غيبوبة الأحمر فيكون المغرب في وقتها على قول من يقول هو الأبيض، وكذلك العشاء تكون في وقتها على قول من يقول إنَّ الشفق الأحمر فيصدق أنّه صلّى كلّ واحدة في وقتها، وأنّه جمع بينهما بعد غيبوية الشفق.
قال: وهذا ممّا فتح الله لي من الفيض الإلهي. انتهى.
ولا يشكّ من تأمل كلامه وفهم مقدار فهمه في تصرفه أن هذا الفيض مختص به، فلذلك لا يرضى به من له أدنى تمييز.