قال (ح): في كتابة هذه التّرجمة في هذا الموضع أي بين أبواب السّرقة وأبواب الزِّنا إِشْكَالٌ، وَأَظُنُّهَا مِمَّا انْقَلَبَ عَلَى الَّذِينَ نَسَخُوا الكتاب من المسودة، والذي يظهر أن محلها بين كتاب الديات واستتابة المرتدين، فإن المصنف ترجم كتاب الحدود وصدره بحديث:"لَا يَزْني الزَّانِي وَهُوَ مُؤمِنٌ" وذكر فيه السّرقة وشرب الخمر ثمّ ذكر ما يتعلّق بالخمر، ثمّ السّرقة، والَّذِي يَلِيقُ أَنْ يُثَلِّثَ بِأَبْوَابِ الزِّنَا، ثمّ يذكر استتابة المرتدين، ويُعقبه بكتاب المحاربين، فإنّه يناسبه، وقد تعرض الكرماني لشيء من ذلك في باب إثم الزناة.
ووقع في رواية النسفي زيادة قد يرتفع بها الإشكال، وذلك أنّه قال بعد قوله من أهل الكفر والردة "ومن يجب عليه حد الزِّنا" فإن كان ذلك محفوظًا وكأنّه ضم حد الزِّنا إلى المحاربين لإفضائه إلى القتل في بعض صوره، بخلاف الشرب والسّرقة، وعلى هذا فالأولى أن يغير لفظ كتاب بباب وتصير الأبواب كلها داخلة في كتاب الحدود (١٥١٤).
قال (ع): هذا كلام بعيد جدًا، وقد أطال الكلام فيه وقد توفرت دواعي ضابط الكتاب من حين ألفه إلى يومنا ولا سيما إطلاع خلق كثير من أكابر المحدثين وأكابر الشراح عليه، والمناسبة في وضع هذه التّرجمة هنا موجودة، لأنّ كتاب الحدود الذي قبله يشتمل على أبواب مشتملة على شرب الخمر والسّرقة والزنا، وهذه معاص داخلة في محاربة الله ورسوله، وقد ثبت في بعض النسخ وهي رواية النسفي بعد قوله من أهل الكفر والردة "ومن