قوله:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} يعني صلاتكم عند البيت إلى أن قال: قال النووي: هذا مشكل فإن المراد صلاتكم إلى بيت المقدس، وهذا مراده فتناول كلامه عليه.
قلت: يحتمل أن يكون مراده بقوله: عند البيت إلى البيت ويراد به بيت المقدس أو يراد به الكعبة فإن صلاتهم كانت إلى بيت المقدس والكعبة بينهم وبين بيت المقدس.
قيل: إنَّ فيه تصحيفًا والصواب يعني صلاتكم لغير البيت، ولا تصحيف فيه عندي بل هو الصواب الموجه، فإن العلماء اختلفوا في الجهة الّتي كان النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - يصلّي إليها وهو بمكة، فقيل: كان يجعل الكعبة بينه وبين بيت المقدس، وأطلق آخرون أنّه كان يصلّي إلى بيت المقدس، وقيل: إنّه كان يصلّي وهو بمكة إلى الكعبة، فلما تحول إلى المدينة صلّى إلى بيت المقدس، وهذا ضعيف إذ يلزم منه النسخ مرتين والأول أصح لأنّه يجمع القولين، وقد صححه الحاكم وغيره من حديث ابن عبّاس.
كأن البخاريّ أشار إلى الجزم بالأصح من أن الصّلاة لما كانت عند البيت كانت إلى بيت المقدس (١٣٩).
قال (ع): هذه اللفظة ثابتة في الأصول ومعناها صحيح غير أنّه واقع
(١٣٩) فتح الباري (١/ ٩٦) وشرح النووي على صحيح البخاريّ (ص٢١٠).