للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

انحصار الخلق في الوجود من بعد هلاك سائر النَّاس، وأمّا نبيّنا صلّى الله عليه وسلم فثبت اختصاصه بذلك، وساق الكلام في ذلك فانتهبه بحذافيره إلى أن قال: وعندي جواب آخر وهو أن الطوفان لم يرسل إِلَّا على قومه الذي هو منهم ولم يكن عامًا. انتهى (٦٥٤).

وكأنّه تلقى ذلك من دعوى أهل الملل أن الطوفان لم يكن عامًا في جميع الأرض، وهو خلاف ما أطبق عليه أهل الإسلام.


= التميم) وقال: ماذا يناسب هذا الكتاب من القرآن؟ أفلا يكون الجواب (يناسبه قول الله تعالى الخ) وهكذا يقال في تطبيق الباقي بما يناسبه.
وأمّا تطبيقه على أنّه استئناف لغوي فظاهر، وتقديره وقول الله (فلم تجدوا) مناسب لكتاب التَّيمُّم، وهذا كلة مجاراة لقول العيني: وقال بعهضم (ابن حجر) الواو للاستئناف. وأمّا عبارته التي نقلها فهذا نصها: والجملة للإستئناف، فهذه الجملة الوجيزة لك أن تذهب معها كلّ مذهب، في كون الكلام في ذات الواو أو غيرها مع مراعاة الاستئنافين فافهم.
(٦٥٤) فتح الباري (١/ ٤٣٦) وعمدة القاري (٤/ ٩).
قال البوصيري في مبتكرات اللآلي والدرر (ص ٥٤) بعد نقل كلاهما: ما علل به العيني نظره هو من جملة كلام ابن حجر الذي أعرض العيني عن نقله.
وحاصل الإشكال الذي ملأ دفاتر الأولين والآخرين أن قوله "وكان النّبيّ يبعث إلى قومه خاصّة، وبعثت إلى النَّاس عامة" ينافي عموم رسالة نوح بدليل غرق جميع من على الأرض. بإضافة {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} وجواب ابن حجر أن رسالة نوح خاصّة إلى قومه كما هو في جميع القرآن كقوله {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ} وعمومها صوري لعدم وجود غير قومه، إِلَّا أنّه يرد عليه أن احتمال وجود غير قومه الذين لم يرسل إليهم قد نالهم الغرق، ولا عذاب إِلَّا بإرسال الرسل.
أمّا جواب العيني الذي استحسنه وتبجح به، فهو في غاية الحسن في الظّاهر لولا ما قاله علماء التاريخ كابن الأثير وابن خلدون بل والمفسرون ممّا يخالفه، ثمّ ذكر قولهما، ثمّ قال وبعد فإن المسألة قديمة مشهورة، وبحثنا ينحصر في كلامي الشيخين وقد سمعته، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>