ذكر أوَّلًا بأن جزمه هو من أصل ظني لأنّه لا اطلاع له على الباطن ولكنه لما انضمت إلى ظنه القرائن قوي ظنه حتّى صار علمًا، فأطلق قوله لا أعلم منه ولولا أن غير السخط يتغطى لما نازع أحد في أن الآية الّتي استدل (ح) بها مطابقة لقصة سعد لاشتراكهما في المتعلّق وهو الإيمان على أن (ح) أجاب في مكان آخر بأنّه لو ثبت أن الرِّواية بالفتح لأمكن أن يرجع لأنّها من الرأي وهو يشمل ما تهيأ عن العلم وعن الظن لا من الرِّواية، وأمّا احتجاجه بكونه جزم فلا حجة فية لأنّ الجزم لم ينحصر فيما يفيد العلم، ويجوز الجزم بما يغلب على الظن حتّى يسوغَ أن يحلف ولا يحنث.
قال (ح): في الكلام على قول المعرور بن سُوَيْد: لقيت أبا ذر بالربذة وعليه حلة وعلى غلامه حلة، فسألته عن ذلك، في رواية الإسماعيلي: أَتَيْتُ أبا ذر فإذا حلة عليه منها ثوب وعلى عبده منها ثوب، وهذا يوافق ما في اللُّغة أن الحلة ثوبان من جنس واحد، ويؤيده أن عنده في الأدب فرأيت عليه بردًا وعلى غلامه بردًا، فقلت: لو أخذت هذا فلبسته كانت حلة.
ولمسلم: لو جمعت بينهما.
ولأبي داود: لو أخذت هذا الذي على غلامك فجعلته مع الذي عليك لكانت حلة، وهذا أصرح، ولو كان كما في رواية الباب لكان إذا جمعهما يصير عليه حلتان، ويمكن الجمع بين الروايتين بأنّه كان عليه برد جديد تحته ثوب خلق من جنسه، وغلامه كذلك، فكأنّه قيل له لو أخذت البرد الجيد فأضفته إلى البرد الجيد الذي عليك وأعطيت الغلام البرد الخلق بدله لكانت حلة جيدة، فتليتم الروايتين ويكون معنى قوله في الرِّواية الأخرى لكانت حلة: أي كاملة الجودة والتكثير للتعظيم (٩٧).
قال (ع): تحمل رواية الباب على أن المجاز باعتبار ما يؤول ويضم إلى