قلت: لو استحضر ما قال علماء الحديث في حق الحسن بن عمارة لاستحيى أن يذكر هذين الأمرين في معرض الرد على من قال: إنهم اتفقوا على ضعفه، بل المراد استقرار الأمر على ذلك، ولو وجد قبل ذلك من صرح بتزييفه فضلًا عن عدم وجوده.
وقد ذكر له المزي ترجمة في التهذيب منها قال محمود بن غيلان: عن أبي داود الطيالسي قال شعبة: أئت جرير بن حازم فقل له: لا يحل لك أن تروي عن الحسن بن عمارة، فإنّه يكذب.
وقال علي بن الحسن بن شقيق: قلت لابن المبارك: لِمَ تركت أحاديث الحسن بن عمارة؟ قال: جرحه عندي سفيان الثّوريّ وشعبة بن الحجاج، فبقولهما تركت حديثه.
وإذا عرف هذا فارتفع قول جرير بن عبد الحميد من قول شعبة والثوري، وهل يقدم التعديل المحتمل على الجرح الصريح؟ وهل شرط أحد من المحدثين أن شرط الجرح أن يجتمع الجميع عليه حتّى يجوز إطلاق كونه ضعيفًا، وإنّما نقل عن بعض المحدثين نحو هذا فيمن يترك لا فيمن يضعف، ومن لا يفرق بين من يقال فيه ضعيف أو متروك كيف يسوغ له أن يتكلم فيما لا يحيطه به علمًا؟ وقد قال أحمد بن حنبل وهو في غاية الورع في وصف الرواة: منكر الحديث، وأحاديثه موضوعة لا يكتب حديثه.
قوله فيه: قال (ح): أراد البخاريّ بإيراد كلام ابن عيينة بيان ضعف رواية الحسن بن عمارة، وأن سفيان لم يسمع الخبر من عروة، وإنّما سمعه من الحي ولم يسمعه عن عروة، فالحديث بهذا ضعيف للجهل بحالهم، لكن وجد له متابع عند أحمد وأبي داود والترمذي وابن ماجه عن عروة [البارقي]، وشاهد من حديث حكيم بن حزام (٦٤٦).