للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم علا على أفنان شجرة الصدق يُغرِّدُ بفنون المدح، ثم قام في محاريب الإسلام يتلو: ﴿وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (١٧) الَّذِي يُؤْتِي مَالهُ يَتَزَكَّى (١٨)[الليل: ١٧ - ١٨].

نَطقتْ بفضله الآياتُ والأخبار، واجتمعَ على بيعتِه المهاجرون والأنصار، فيا مُبْغِضيه! في قلوبكم من ذكرِه نار، كلما تُلِيتْ فضائلُه عَلا عليهم الصُّفارُ، أتُرى لم يَسمع الروافضُ الكفَّارُ ﴿ثَانِيَ اثْنَينِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ﴾ [التوبة: ٤٠]؟!

دُعي إلى الإسلام فما تلعثمَ ولا أبي، وسار على المحجَّة فما زلَّ ولا كبا، وصبر في مُدَّتِهِ من مُدى العِدَا على وقع الشَّبا، وأكثر في الإنفاق فما قلَّل حتى تخلَّل بالعبا، تالله لقد زاد على السَّبْكِ في كلِّ دينار دينارُ ﴿ثَانِيَ اثْنَينِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ﴾ [التوبة: ٤٠].

من كان قرينَ النبي في شبابه؟! من ذا الذي سبقَ إلى الإيمان من أصحابه؟! من الذي أفتى بحضرته سريعًا في جوابه؟! من أولُ من صلَّى معهُ؟! من آخرُ من صلَّى به؟! من الذي ضاجعه بعد الموت في ترابه؟! فاعرِفُوا حقَّ الجار.

نهضَ يوم الرِّدَّةِ بفهم واستيقاظ، وأبانَ من نصِّ الكتاب معنًى دقَّ عن حديد الألحاظ؛ فالمحبُّ يفرحُ بفضائله والمبغضُ يغتاظ، حسرةُ الرافضي أن يفرَّ من مجلس ذكره، ولكن أين الفرار؟!

كم وَقى الرسولَ بالمال والنفس، وكان أخصَّ به في حياته وهو ضجيعُه في الرمس، فضائلُهُ جليَّةٌ، وهي خليةٌ عن اللبس، يا عجبًا! من يُغطِّي عينَ ضوءِ الشمس في نصف النهار؟!

<<  <  ج: ص:  >  >>