للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَعرِضُ المال على من قد ردَّ مفاتيح الكنوز، ويُقدِّم الزادَ إلى شبعان، "أبيتُ عند ربِّي يُطعِمُني ويَسقِيني" (١).

كانت تحفةُ ﴿ثَانِيَ اثْنَينِ﴾ [التوبة: ٤٠] مُدَّخرةً للصديق دونَ الجميع؛ فهو الثاني في الإسلام وفي بذل النفس وفي الزُّهد وفي الصُّحبة وفي الخلافة وفي العمر وفي سبب الموت؛ لأنَّ الرسول Object مات عن أثر السُّمِّ (٢)، وأبو بكر سُمَّ فمات (٣).

أسلمَ على يديه من العشرة عثمان وطلحة والزُّبير وعبدُ الرحمن بن عوف وسعدُ بن أبي وقَّاص.

وكان عنده يوم أسلم أربعون (٤) ألف درهم، فأنفقَها أحوجَ ما كان الإسلامُ إليها؛ فلهذا جَلبتْ نفقتُهُ عليه: "ما نفعني مالٌ ما نفعني مالُ أبي بكر" (٥).

فهو خيرٌ من مؤمن آل فرعون؛ لأنَّ ذلك كان يكتُمُ إيمانَه والصديقُ أعلنَ به، وخيرٌ من مؤمن آل ياسينَ؛ لأنَّ ذلك جاهدَ ساعةً والصديقُ جاهدَ سنين.

عاينَ طائرَ الفاقةِ يَحُومُ حولَ حبِّ الإيثار ويَصيح ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا﴾ [البقرة: ٢٤٥]، فألقى له حبَّ المال على روض الرِّضي، واستلقى على فراش الفقر، فنقلَ الطائرُ الحبَّ إلى حَوصلةِ المضاعفة،


(١) أخرجه البخاري (١٩٦٥) ومسلم (١١٠٣) عن أبي هريرة.
(٢) كما ذكره البخاري (٤٤٢٨) تعليقًا عن عائشة.
(٣) انظر طبقات ابن سعد (٣/ ١٩٨) ومستدرك الحاكم (٣/ ٥٩).
(٤) في الأصل: "أربعين".
(٥) أخرجه أحمد (٢/ ٢٥٣) وابن ماجه (٩٤) من حديث أبي هريرة. وهو صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>