للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكرتُك لا أنِّي نَسِيتُك ساعةً … وأيْسَرُ ما في الذِّكر ذِكْرُ لساني (١)

• إذا سافرَ المحبُّ للقاءِ محبوبه ركبتْ جنودُه معه، فكان الحبُّ في مقدِّمة العسكر، والرجاءُ يَحْدُو بالمَطِيِّ، والشوقُ يَسُوقها، والخوفُ يجمعها على الطريق؛ فإذا شارفَ قدومَ بلدِ الوصل خرجتْ تَقادِمُ الحبيبِ للقاءِ.

فدَاوِ سُقْمًا بجسمٍ أنت مُتْلِفُهُ … وابْرُدْ غَرامًا بقلبٍ أنت مُضرِمُهُ

ولا تَكِلْني على بُعْدِ الدِّيارِ إلى … صَبْرِي الضَّعيفِ فصبري أنت تعلمُهُ

تَلَقَّ قلبي فقد أرْسلْتُهُ عَجِلًا … إلى لقائك والأشواقُ تَقْدُمُه (٢)

فإذا دخل على الحبيب أُفِيضَتْ عليه الخِلَعُ من كلِّ ناحية؛ ليُمْتحَن أيَسكُنُ إليها فتكون حظَّهُ؟ أم يكون التفاتُهُ إلى من ألبسَهُ إيَّاها؟

• مَلَؤوا مراكبَ القلوب متاعًا لا يَنفقُ إلا على الملك، فلما هَبَّتْ رياحُ السَّحرِ أقلعتْ تلك المراكبُ، فما طلعَ الفجرُ إلَّا وهي بالمِيناء.

• قطعوا باديةَ الهوى بأقدام الجدِّ، فما كان إلَّا القليلُ حتى قَدِمُوا من السفر، فأعقبَهم (٣) الراحةُ في طرَيقِ التلقِّي، فدخلوا بلدَ الوصلِ وقد حَازوا رِبْحَ الأبد.

• فَرَّغَ القومُ قُلوبَهم من الشواغل، فضُرِبَتْ فيها سُرادِقاتُ المحبة، فأقاموا العيونَ تَحْرُسُ تارةً وتَرُشُّ أخرى.


(١) البيت للشبلي في تاريخ بغداد (١٤/ ٣٩٠).
(٢) الأبيات في المدهش (ص ٢٥٥)، وما عدا الأول في بدائع الفوائد (٣/ ١١٧٩).
(٣) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "فاعتنقتهم" كما في المدهش.

<<  <  ج: ص:  >  >>