للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا﴾ [الصف: ٤]، ﴿وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٣٤)[آل عمران: ١٣٤]، وقوله: ﴿وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٩)[الحجرات: ٩]، ﴿وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (١٤٦)[آل عمران: ١٤٦].

وأما في جانب المناهي فأكثر ما جاء النفي للمحبة؛ كقوله: ﴿وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (٢٠٥)[البقرة: ٢٠٥]، وقوله: ﴿وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (٢٣)[الحديد: ٢٣]، وقوله: ﴿وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (١٩٠)[البقرة: ١٩٠]، وقوله: ﴿لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إلا مَنْ ظُلِمَ﴾ [النساء: ١٤٨]، وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (٣٦)[النساء: ٣٦] ونظائره. وأخبر في موضع آخر أنه يكرهها ويسخطها؛ كقوله: ﴿كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا﴾ [الإسراء: ٣٨]، وقوله: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ﴾ [محمد: ٢٨].

إذا عُرِفَ هذا؛ ففعلُ ما يحبُّه سبحانه مقصود بالذات، ولهذا يُقدِّرُ ما يكرهه ويَسخَطُه لإفضائه إلى ما يحب؛ كما قدَّر المعاصي والكفر والفسوق لما ترتب على تقديرها مما يحبه من لوازمها؛ من الجهاد، واتخاذ الشهداء، وحصول التوبة من العبد والتضرع إليه والاستكانة، وإظهار عدله وعفوه وانتقامه وعزه، وحصول الموالاة والمعاداة لأجله، وغير ذلك من الآثار التي وجودها بسبب تقديره لما يكره أحبّ إليه من ارتفاعها بارتفاع أسبابها، وهو سبحانه لا يُقدِّر ما يُحِبُّ لإفضائه إلى حصول ما يكرهه ويسخطه كما يقدِّر ما يكرهه لإفضائه إلى ما يحبه، فعُلِمَ أن فعلَ ما يُحِبُّه أحبُّ إليه مما يكرهه.

يوضحه الوجه الرابع: أن فعل المأمور مقصود لذاته، وترك المنهيِّ مقصودٌ لتكميل فعل المأمور؛ فهو منهيٌّ عنه لأجل كونه يُخِلُّ بفعل

<<  <  ج: ص:  >  >>