للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المأمور أو يُضعِفه وينقصه؛ كما نبَّه سبحانهُ على ذلك في النهي عن الخمر والميسر بكونهما يَصُدَّانِ عن ذكر الله وعن الصلاة؛ فالمنهياتُ قواطعُ وموانعُ صادَّةٌ عن فعل المأمورات أو عن كمالها؛ فالنهي عنها من باب المقصود لغيره، والأمر بالواجبات من باب المقصود لنفسه.

ويوضحه الوجه الخامس: أن فعل المأمورات من باب حفظ قوة الإيمان وبقائها، وترك المنهيات من باب الحِمْية عما يُشوِّش قوةَ الإيمان ويُخرِجها عن الاعتدال، وحفظ القوة مقدَّمٌ على الحمية؛ فإن القوة كلما قويتْ دفعت الموادَّ الفاسدة، وإذا ضعفتْ غلبت الموادُّ الفاسدة؛ فالحمية مرادةٌ لغيرها، وهو حفظ القوة وزيادتها وبقاؤها، ولهذا كلما قويتْ قوة الإيمان دفعت الموادَّ الرديئة ومنعتْ من غلبتها وكثرتها بحسب القوة وضعفها، وإذا ضعُفت غَلبتِ الموادُّ الفاسدة.

فتأمل هذا الوجه.

الوجه السادس: أن فعل المأمورات حياة القلب وغذاؤهُ وزينته وسروره وقُرَّةُ عينه ولذته ونعيمه، وترك المنهيَّات بدون ذلك لا يُحصِّلُ له شيئًا من ذلك؛ فإنه لو ترك جميع المنهيَّات، ولم يَأتِ بالإيمان والأعمال المأمورِ بها لم ينفعه ذلك الترك شيئًا، وكان خالدًا مخلَّدًا في النار.

وهذا يتبينُ بالوجه السابع: أن مَن فعلَ المأموراتِ والمنهيَّاتِ؛ فهو: إما ناجٍ إن غلبتْ حسناتُه سيئاتِه، وإما ناجٍ بعد أن يُؤخذَ منه الحقُّ ويُعاقَب على سيئاته؛ فمآلُهُ إلى النجاة، وذلك بفعل المأمور. ومن ترك المأمورات والمنهيَّات فهو هالكٌ غير ناجٍ. ولا ينجو إلا بفعل المأمور، وهو التوحيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>