للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى أقطار مملكته بكلامه الذي يُسمِعه من يشاء من خلقه، وأنه قائمٌ بالقسط مُجازٍ بالإحسان والإساءة، وأنه حليمٌ غفور شكور جوادٌ محسنٌ، موصوفٌ بكل كمال، منزَّهٌ عن كل عيب ونقص، وأنه لا مِثلَ له، ويشهد حكمته في تدبير مملكته، وكيف يقدر مقاديره بمشيئةٍ غير مضادةٍ لعدله وحكمته، وتظاهر عنده العقل والشرع والفطرة فصدَّق كل منهما صاحبيه، وفَهِمَ عن الله سبحانه ما وصف به نفسه في كتابه من حقائق أسمائه التي بها نزل الكتاب وبها نطقَ ولها أثبتَ وحققَ وبها تعرَّفَ إلى عباده حتى أقرَّتْ به العقولُ وشهدتْ به الفِطرُ.

فإذا عرفَ بقلبه وتيقنَ صفاتِ صاحب العهد أشرقَتْ أنوارها على قلبه فصارت كالمعاينة له:

فرأى حينئذ تعلُّقَها بالخلق والأمر وارتباطهما بها وسريانَ آثارهما (١) في العالم الحسي والعالم الروحي.

ورأى تصرفها في الخلائق؛ كيف عمَّتْ وخصَّتْ وقرَّبتْ وأَبعدتْ وأعطتْ ومنعتْ، فشاهد بقلبه مواقع عدله سبحانه وقسطه وفضله ورحمته، واجتمع له الإيمان بلزوم حجته مع نفوذ أقضيته، وكمال قدرته مع كمال عدله وحكمته، ونهاية علوه على جميع خلقه مع إحاطته، ومعيته، وعظمته وجلاله وكبريائه وبطشه وانتقامه مع رحمته وبره ولطفه وجُوده وعفوه وحلمه.

ورأى لزومَ الحجة مع قهر المقادير التي لا خروجَ لمخلوق عنها، وكيف اصطحاب الصفات وتوافقُها وشهادة بعضها لبعض، وانعطاف


(١) في الأصل: "آثارها".

<<  <  ج: ص:  >  >>