للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيثُ يَجْعَلُ رِسَالتَهُ﴾ [الأنعام: ١٢٤].

فصل

وسببُ الخِذلان عدمُ صلاحيةِ المحلّ وأهليته وقبوله للنعمة؛ بحيث لو وافتْه النعم لقال: هذا لي! وإنما أوتيِتُه لأنِّي أهله ومستحقه!

كما قال تعالى: ﴿قَال إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي﴾ [القصص: ٧٨]؛ أي على علمٍ عَلِمَه اللهُ عندي أستحقُّ به ذلك وأستوجبه وأستأهله. قال الفراء (١): أي على فضلٍ عندي، أي كنت أهله ومستحقًا له إذ أُعطِيتُه. وقال مقاتل: يقول على خيرٍ عَلِمَه الله عندي. وذكر عبد الله بن الحارث بن نوفل سليمانَ بن داود فيما أوتي من الملك، ثم قرأ قوله تعالى: ﴿قَال هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ﴾ [النمل: ٤٠]، ولم يقل: هذا من كرامتي! ثم ذكر قارون وقوله: ﴿إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي﴾ [القصص: ٧٨]. يعني: أن سليمان رأى ما أوتيه من فضل الله عليه ومنته وأنه ابتلي به شكره، وقارون رأى ذلك من نفسه واستحقاقه.

وكذلك قوله سبحانه: ﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي﴾ [فصلت: ٥٠]؛ أي: أنا أهله وحقيقٌ به؛ فاختصاصي به كاختصاص المالك بملكه!

والمؤمن يرى ذلك ملكًا لربه وفضلًا منه منَّ به على عبده من غير استحقاقٍ منه، بل صدقةً تصدق بها على عبده وله أن لا يتصدق بها؛ فلو منعه إياها؛ لم يكن قد منعه شيئًا هو له يستحقه عليه.


(١) في معاني القرآن (٢/ ٣١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>