للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْخَامِسِ: مَا هُوَ لَازِمٌ مِنْ الْمُوجِبِ، جَائِزٌ مِنْ الْقَابِلِ: كَالرَّهْنِ، وَالْكِتَابَةِ، وَالضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ، وَعَقْدِ الْأَمَانِ، وَالْإِمَامَةِ الْعُظْمَى. السَّادِسِ: عَكْسُهُ، كَالْهِبَةِ لِلْأَوْلَادِ.

تَنْبِيهٌ:

صَرَّحَ الْعَلَائِيُّ، فِي قَوَاعِدِهِ، بِأَنَّ مِنْ الْحَائِزِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وِلَايَةَ الْقَضَاءِ، وَالتَّوْلِيَةَ عَلَى الْأَوْقَافِ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الْحُكَّامِ. هَذِهِ عِبَارَتُهُ، فَأَمَّا الْقَضَاءُ: فَوَاضِحُ، فَلِكُلٍّ مِنْ الْمُوَلِّي وَالْمُوَلَّى: الْعَزْلُ. وَأَمَّا الْوِلَايَةُ عَلَى الْأَيْتَامِ، فَظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ: أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا نَصَّبَ قَيِّمًا عَلَى يَتِيمٍ فَلَهُ عَزْلُهُ وَكَذَا لِمَنْ يَلِي بَعْدَهُ مِنْ الْحُكَّامِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، فَإِنَّهُ نَائِبُ الْحَاكِمِ فِي أَمْرٍ خَاصٍّ، وَلِلْحَاكِمِ عَزْلُ نَائِبِهِ، وَإِنْ لَمْ يَفْسُقْ.

وَقَدْ كُنْتُ أَجَبْت بِذَلِكَ مَرَّةً فِي أَيَّامِ شَيْخِنَا، قَاضِي الْقُضَاةِ، شَيْخِ الْإِسْلَام شَرَفِ الدِّينِ الْمُنَاوِيِّ، فَاسْتَفْتَى، فَأَفْتَى بِخِلَافِهِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ لِلْحَاكِمِ عَزْلُهُ، وَلَمْ يَتَّضِحْ لِي ذَلِكَ إلَى الْآنَ، وَكَأَنَّهُ رَأَى وَاقِعَةَ الْحَالِ تَقْتَضِي ذَلِكَ، فَإِنَّ الْحَاكِمَ الَّذِي أَرَادَ عَزْلَ الْقَيِّمِ، إنَّمَا كَانَ غَرَضُهُ أَخْذَ مَالِ الْيَتِيمِ مِنْهُ يَسْتَعِينُ بِهِ فِيمَا غَرِمَهُ عَلَى الْوِلَايَةِ لِجِهَةِ السَّلْطَنَةِ.

وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا مِنْ أَنَّ الْمَذْهَبَ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ أَنَّ الْقُوَّامَ عَلَى الْأَيْتَامِ وَالْأَوْقَافِ لَا يَنْعَزِلُونَ بِمَوْتِ الْقَاضِي وَانْعِزَالِهِ، لِئَلَّا تَتَعَطَّلَ أَبْوَابُ الْمَصَالِحِ وَهُمْ كَالْمُتَوَلِّي مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ لِأَنَّ هَذَا فِي الِانْعِزَالِ بِلَا عَزْلٍ.

وَأَمَّا التَّوْلِيَةُ عَلَى الْأَوْقَافِ فَقَدْ ذَكَرَ الْأَصْحَابُ أَنَّ لِلْوَاقِفِ (عَلَى الصَّحِيحِ) عَزْلَ مَنْ وَلَّاهُ النَّظَرَ، أَوْ التَّدْرِيسَ، وَنَصْبَ غَيْرِهِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيُشْبِه أَنْ تَكُونَ الْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةً فِي التَّوْلِيَةِ بَعْدَ تَمَامٍ الْوَقْفِ، دُونَ مَا إذَا أَوْقَفَ بِشَرْطِ التَّوْلِيَةِ لِفُلَانٍ، لِأَنَّ فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيِّ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ مَدْرَسَةً، ثُمَّ قَالَ لِعَالِمٍ فَوَّضَتْ إلَيْك تَدْرِيسَهَا، أَوْ اذْهَبْ وَدَرِّسْ فِيهَا، كَانَ لَهُ تَبْدِيلُهُ بِغَيْرِهِ، وَلَوْ وَقَفَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ هُوَ مُدَرِّسَهَا، أَوْ قَالَ حَالَ الْوَقْفِ، فَوَّضْت تَدْرِيسَهَا إلَى فُلَانٍ فَهُوَ لَازِمُ لَا يَجُوزُ تَبْدِيلُهُ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ الْفُقَرَاءِ لَا يَجُوزُ التَّبْدِيلُ بِالْأَغْنِيَاءِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهَذَا حَسَنٌ فِي صِيغَةِ الشَّرْطِ، وَغَيْرُ مُتَّضِحٍ فِي قَوْلِهِ: وَقَفْتُهَا، وَفَوَّضْت التَّدْرِيسَ إلَيْهِ. زَادَ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ: هَذَا الَّذِي اسْتَحْسَنَهُ الرَّافِعِيُّ: هُوَ الْأَصَحّ أَوْ الصَّحِيحُ.

<<  <   >  >>