تَذْنِيبٌ:
مِنْ الْغَرِيبِ قَوْلُ الْقَاضِي حُسَيْنٍ: إنَّ الطَّلَاقَ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ. قَالَ السُّبْكِيُّ: حَكَيْت مَرَّةً لِابْنِ الرِّفْعَةِ، فَقَالَ: عُمْرِي مَا سَمِعْت ثُبُوتَ طَلَاقٍ فِي الذِّمَّةِ. قَالَ: وَلَا شَكَّ أَنَّ ابْنَ الرِّفْعَةِ سَمِعَهُ، وَكَتَبَهُ مَرَّاتٍ. لَكِنَّهُ لِغَرَابَتِهِ وَنَكَارَتِهِ، لَمْ يَبْقَ عَلَى ذِهْنِهِ. وَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ فُرُوعٌ مَا يُقَدَّمُ عَلَى الدَّيْنِ، وَمَا يُؤَخَّرُ عَنْهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي الْأَيْمَانِ: إذَا وَفَّتْ التَّرِكَةُ بِحُقُوقِ اللَّهِ، وَحُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ قُضِيَتْ جَمِيعًا.
وَإِنْ لَمْ تَفِ، وَتَعَلَّقَ بَعْضُهَا بِالْعَيْنِ، وَبَعْضُهَا بِالذِّمَّةِ: قُدِّمَ الْمُتَعَلِّقُ بِالْعَيْنِ سَوَاءٌ اجْتَمَعَ النَّوْعَانِ، أَوْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا. وَإِنْ اجْتَمَعَا، وَتَعَلَّقَ الْجَمِيعُ بِالْعَيْنِ، أَوْ الذِّمَّةِ فَهَلْ يُقَدَّمُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ الْآدَمِيِّ، أَوْ يَسْتَوِيَانِ؟ فِيهِ أَقْوَالٌ. أَظْهَرُهَا: الْأَوَّلُ. وَلَا تَجْرِي هَذِهِ الْأَقْوَالُ فِي الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ، إذَا اجْتَمَعَ النَّوْعَانِ. بَلْ تُقَدَّمُ حُقُوقُ الْآدَمِيِّ، وَتُؤَخَّرُ حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى مَا دَامَ حَيًّا اهـ.
وَمِنْ أَمْثِلَةِ مَا تَجْرِي فِيهِ الْأَقْوَالُ. اجْتِمَاعُ الدَّيْنِ مَعَ الزَّكَاةِ، أَوْ الْفِطْرَةِ، أَوْ الْكَفَّارَةِ، أَوْ النَّذْرِ، أَوْ جَزَاءِ الصَّيْدِ، أَوْ الْحَجِّ. كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَالْأَصَحُّ فِي الْكُلِّ: تَقْدِيمُهَا عَلَى الدَّيْنِ، وَكَذَا: سِرَايَةُ الْعِتْقِ، مَعَ الدَّيْنِ. وَصَحَّحَا فِي اجْتِمَاعِ الْجِزْيَةِ، مَعَ الدَّيْنِ: التَّسْوِيَةَ ; لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْأُجْرَةِ. فَالْتَحَقَتْ بِدَيْنِ الْآدَمِيِّ.
وَمِنْ اجْتِمَاعِ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَطْ الزَّكَاةُ. وَالْكَفَّارَةُ. وَالْحَجُّ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ النِّصَابُ مَوْجُودًا قُدِّمَتْ الزَّكَاةُ، وَإِلَّا فَيَسْتَوِيَانِ.
تَذْنِيبٌ فِيمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ مِنْ غَيْرِ الدُّيُونِ اجْتَمَعَ مُحْدِثٌ. وَجُنُبٌ. وَحَائِضٌ. وَذُو نَجَاسَةٍ. وَمَيِّتٌ، وَهُنَاكَ مَاءٌ مُبَاحٌ. أَوْ مُوصًى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute