وَهَذَا الَّذِي اخْتَارَهُ مَنْ يُفَضِّلُ الطَّوَافَ عَلَيْهَا، هُوَ الَّذِي نَصَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَأَبُو شَامَةَ وَحَكَى بَعْضُهُمْ فِي التَّفْضِيلِ بَيْنَهُمَا احْتِمَالَاتٍ ثَالِثُهَا: إنْ اسْتَغْرَقَ زَمَانَ الِاعْتِمَارِ، فَالطَّوَافُ أَفْضَلُ وَإِلَّا، فَهِيَ أَفْضَلُ وَقَالَ فِي الْخَادِمِ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ حِكَايَةَ الْخِلَافِ فِي التَّفْضِيلِ لَا تَتَحَقَّقُ، فَإِنَّهُ إنَّمَا يَقَعُ بَيْنَ مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ ; فَلَا تَفْضِيلَ بَيْنَ وَاجِبٍ وَمَنْدُوبٍ.
وَلَا شَكَّ أَنَّ الْعُمْرَةَ لَا تَقَعُ مِنْ الْمُتَطَوِّعِ إلَّا فَرْضَ كِفَايَةٍ، وَالْكَلَامُ فِي الطَّوَافِ الْمَسْنُونِ. نَعَمْ إنْ قُلْنَا إنَّ إحْيَاءَ الْكَعْبَةِ يَحْصُلُ بِالطَّوَافِ كَمَا يَحْصُلُ بِالْحَجِّ وَالِاعْتِمَارِ وَقَعَ الطَّوَافُ أَيْضًا فَرْضَ كِفَايَةٍ لَكِنَّهُ بَعِيدٌ اهـ.
قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: وَالْمُرَادُ بِكَوْنِ الطَّوَافِ أَفْضَلَ: الْإِكْثَارُ مِنْهُ دُونَ أُسْبُوعٍ وَاحِدٍ، فَإِنَّهُ مَوْجُودٌ فِي الْعُمْرَةِ وَزِيَادَةٌ قُلْت: وَنَظِيرُهُ مَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: أَنَّ قَوْلَنَا: الصَّلَاةُ أَفْضَلُ مِنْ الصَّوْمِ، الْمُرَادُ بِهِ الْإِكْثَارُ مِنْهَا بِحَيْثُ تَكُونُ غَالِبَةً عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَصَوْمُ يَوْمٍ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ بِلَا شَكٍّ.
وَمِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ الْجِهَادُ. حَيْثُ الْكُفَّارُ مُسْتَقِرُّونَ فِي بُلْدَانِهِمْ وَيَسْقُطُ بِشَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يُحَصِّنَ الْإِمَامُ الثُّغُورَ بِجَمَاعَةٍ يُكَافِئُونَ مَنْ بِإِزَائِهِمْ مِنْ الْكُفَّارِ.
الثَّانِي: أَنْ يَدْخُلَ الْإِمَامُ دَارَ الْكُفَّارِ غَازِيًا بِنَفْسِهِ: أَوْ بِجَيْشٍ يُؤَمِّرُ عَلَيْهِمْ مَنْ يَصْلُحَ لِذَلِكَ وَأَقَلُّهُ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ فِي كُلِّ سَنَةٍ فَإِنْ زَادَ، فَهُوَ أَفْضَلُ. وَلَا يَجُوزُ إخْلَاءُ سَنَةٍ عَنْ جِهَادٍ إلَّا لِضَرُورَةٍ بِأَنْ يَكُونَ فِي الْمُسْلِمِينَ ضَعْفٌ، وَفِي الْعَدُوِّ كَثْرَةٌ، وَيُخَافُ مِنْ ابْتِدَائِهِمْ الِاسْتِئْصَالُ لِعُذْرٍ بِأَنْ يَعِزَّ الزَّادُ وَعَلَفُ الدَّوَابِّ فِي الطَّرِيقِ فَيُؤَخَّرَ إلَى زَوَالِ ذَلِكَ، أَوْ يُنْتَظَرَ لَحَاقُ مَدَدٍ أَوْ يَتَوَقَّعَ إسْلَامُ قَوْمٍ فَيَسْتَمِيلَهُمْ بِتَرْكِ الْقِتَالِ.
وَمِنْهَا: الْتِقَاطُ الْمَنْبُوذِ وَمِنْهَا: اللُّقَطَةُ عَلَى وَجْهٍ. وَمِنْهَا: رَدُّ السَّلَامِ، حَيْثُ الْمُسَلَّمُ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ.
وَمِنْهَا: دَفْعُ ضَرَرِ الْمُسْلِمِينَ كَكِسْوَةِ عَارٍ وَإِطْعَامِ جَائِعٍ إذَا لَمْ يَنْدَفِعْ بِزَكَاةٍ وَبَيْتِ مَالٍ، وَهَلْ يَكْفِي سَدُّ رَمَقٍ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ تَمَامِ الْكِفَايَةِ الَّتِي يَقُومُ بِهَا مَنْ يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ؟ خِلَافٌ.
قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: الْأَصَحُّ: الْأَوَّلُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute