قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَكَلَامُ النَّوَوِيِّ لَا يُلَاقِي كَلَامَ الرَّافِعِيِّ فَإِنَّ الْكَلَامَ فِي إحْيَاءِ الْكَعْبَةِ لَا فِي إحْيَاءِ هَذِهِ الْبِقَاعِ قَالَ: وَإِنْ كَانَ الْمُتَّجِهُ فِي الصَّلَاةِ وَالِاعْتِكَافِ مَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِمَا إحْيَاءُ الْكَعْبَةِ وَلَوْ كَانَ الِاعْتِكَافُ دَاخِلَهَا لِعَدَمِ الِاخْتِصَاصِ، قَالَ: وَالْمُتَّجِهُ أَنَّ الطَّوَافَ كَالْعُمْرَةِ.
وَأَجَابَ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ بَحْثِ الرَّافِعِيِّ: بِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْأَعْظَمَ بِبِنَاءِ الْبَيْتِ: الْحَجُّ، فَكَانَ إحْيَاؤُهُ بِهِ بِخِلَافِ الْعُمْرَةِ وَالِاعْتِكَافِ وَالصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَلَا يُشْتَرَطُ عَدَدٌ مَخْصُوصٌ بَلْ الْفَرْضُ حَجُّهَا فِي الْجُمْلَةِ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ: الْمُتَّجِهُ اعْتِبَارُ عَدَدٍ يَظْهَرُ بِهِ الشِّعَارُ تَنْبِيهَانِ: الْأَوَّلُ: عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ: أَنَّ إحْيَاءَ الْكَعْبَةِ كُلَّ سَنَةٍ بِالْحَجِّ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَأَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ إذَا قَامَ بِهِ زِيَادَةٌ عَلَى مَنْ يُسْقِطُهُ فَالْكُلُّ فَرْضٌ أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُ الْحَجِّ نَفْلًا، وَأَنَّ قَاعِدَةَ " إنَّ الْفِعْلَ لَا يَجِبُ إتْمَامُهُ بِالشُّرُوعِ " غَيْرُ مَنْقُوضَةٍ الثَّانِي إنْ ثَبَتَ مَا تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ مِنْ أَنَّ الْعُمْرَةَ لَا يَحْصُلُ بِهَا الْإِحْيَاءُ زَالَ الْإِشْكَالُ فِي كَوْنِ الطَّوَافِ أَفْضَلَ مِنْهَا لِكَوْنِهَا تَقَعُ مِنْ الْمُتَطَوِّعِ نَفْلًا، وَمَسْأَلَةُ التَّفْضِيلِ بَيْنَ الطَّوَافِ وَالْعُمْرَةِ: مُخْتَلَفٌ فِيهَا وَأَلَّفَ فِيهَا الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ كِتَابًا قَالَ فِيهِ: ذَهَبَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ عَصْرِنَا إلَى تَفْضِيلِ الْعُمْرَةِ وَرَأَوْا أَنَّ الِاشْتِغَالَ بِهَا أَفْضَلُ مِنْ الطَّوَافِ وَذَلِكَ خَطَأٌ ظَاهِرٌ وَأَدَلُّ دَلِيلٍ عَلَى خَطَئِهِ مُخَالَفَةُ السَّلَفِ الصَّالِحِ، فَإِنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ تَكْرَارُ الْعُمْرَةِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَقَدْ رَوَى الْأَزْرَقِيُّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ سَأَلَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ: الطَّوَافُ أَفْضَلُ أَمْ الْعُمْرَةُ؟ فَقَالَ: الطَّوَافُ.
وَقَالَ طَاوُسٌ: الَّذِينَ يَعْتَمِرُونَ مِنْ التَّنْعِيمِ مَا أَدْرِي: يُؤْجَرُونَ أَمْ يُعَذَّبُونَ؟ قِيلَ: لِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّ أَحَدَهُمْ يَدَعُ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ، وَيَخْرُجُ إلَى أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ، وَيَجِيءُ وَقَدْ ذَهَبَ أَحْمَدُ إلَى كَرَاهَةِ تَكْرَارِهَا فِي الْعَامِ وَلَمْ يَذْهَبْ أَحَدٌ إلَى كَرَاهَةِ تَكْرَارِ الطَّوَافِ بَلْ أَجْمَعُوا عَلَى اسْتِحْبَابِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute