الْعَاشِرَةُ: تَيَمَّمَ، ثُمَّ رَأَى شَيْئًا لَا يَدْرِي: أَسْرَابٌ هُوَ، أَمْ مَاءٌ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ، وَإِنْ بَانَ سَرَابًا الْحَادِيَةُ عَشْرَةَ، رَمَى صَيْدًا فَجَرَحَهُ، ثُمَّ غَابَ فَوَجَدَهُ مَيِّتًا، وَشَكَّ هَلْ أَصَابَتْهُ رَمْيَةٌ أُخْرَى مِنْ حَجَرٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَحِلّ أَكْلُهُ، وَكَذَا لَوْ أَرْسَلَ عَلَيْهِ كَلْبًا.
هَذَا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْقَاصِّ وَقَدْ نَازَعَهُ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ فِي اسْتِثْنَائِهَا بِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ الْيَقِينَ فِيهَا بِالشَّكِّ، وَإِنَّمَا عَمِلَ فِيهَا بِالْأَصْلِ الَّذِي لَمْ يَتَحَقَّقْ شَرْطُ الْعُدُولِ عَنْهُ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَة غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ.
وَشَرْطُ الْمَسْحِ: بَقَاءُ الْمُدَّةِ وَشَكَكْنَا فِيهِ، فَعَمِلَ بِأَصْلِ الْغَسْلِ، وَفِي الثَّالِثَةِ وَالسَّابِعَةِ وَالثَّامِنَةِ الْقَصْرُ رُخْصَةٌ بِشَرْطٍ، فَإِذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ رَجَعَ إلَى الْأَصْلِ، وَهُوَ الْإِتْمَامُ ; وَفِي الْخَامِسَةِ الْأَصْلُ وُجُوبُ الصَّلَاةِ، فَإِذَا شَكَّتْ فِي الِانْقِطَاعِ فَصَلَّتْ بِلَا غُسْلٍ، لَمْ تُتَيَقَّنْ الْبَرَاءَةُ مِنْهَا.
وَفِي السَّادِسَةِ: الْأَصْلُ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ الصَّلَاةِ إلَّا بِطَهَارَةٍ عَنْ هَذِهِ النَّجَاسَةِ، فَلَمَّا لَمْ يَغْسِلْ الْجَمِيعَ فَهُوَ شَاكٌّ فِي زَوَالِ مَنْعِهِ مِنْ الصَّلَاةِ، وَفِي الْعَاشِرَةِ: إنَّمَا بَطَلَ التَّيَمُّمُ لِأَنَّهُ تَوَجَّهَ الطَّلَبُ عَلَيْهِ، وَفِي الْحَادِيَةِ عَشْرَةَ فِي حِلّ الصَّيْدِ قَوْلَانِ، فَإِنْ قُلْنَا لَا يَحِلُّ فَلَيْسَ تَرْكَ يَقِينٍ بِشَكٍّ لِأَنَّ الْأَصْلَ التَّحْرِيمُ، وَقَدْ شَكَكْنَا فِي الْإِبَاحَةِ، وَقَدْ نَقَلَ النَّوَوِيُّ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَقَالَ مَا قَالَهُ الْقَفَّالُ فِيهِ نَظَرٌ وَالصَّوَابُ فِي أَكْثَر هَذِهِ الْمَسَائِل مَعَ ابْنِ الْقَاصِّ.
قَالَ: وَقَدْ اسْتَثْنَى إمَامُ الْحَرَمَيْنِ أَيْضًا وَالْغَزَالِيُّ مَا إذَا شَكَّ النَّاسُ فِي انْقِضَاءِ وَقْتِ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَ الْجُمُعَةَ، وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ بَقَاءَ الْوَقْتِ.
قَالَ: وَمِمَّا يُسْتَثْنَى: إذَا تَوَضَّأَ وَشَكَّ، هَلْ مَسَحَ رَأْسَهُ أَمْ لَا؟ وَفِيهِ وَجْهَانِ الْأَصَحُّ صِحَّةُ وُضُوئِهِ، وَلَا يُقَالُ الْأَصْلُ عَدَمُ الْمَسْحِ.
وَمِثْلُهُ لَوْ سَلَّمَ مِنْ صَلَاتِهِ، وَشَكَّ هَلْ صَلَّى ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا؟ ، وَالْأَظْهَر أَنَّ صَلَاتَهُ مَضَتْ عَلَى الصِّحَّةِ.
قَالَ: فَإِنْ تَكَلَّفَ مُتَكَلِّفٌ، وَقَالَ: الْمَسْأَلَتَانِ دَاخِلَتَانِ فِي الْقَاعِدَةِ، فَإِنَّهُ شَكَّ هَلْ تَرَكَ أَوْ لَا، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، فَلَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ التَّرْكَ عَدَمُ بَاقٍ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا الْمَشْكُوكُ فِيهِ الْفِعْلُ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَلَمْ يَعْمَلْ بِالْأَصْلِ.
قَالَ: وَأَمَّا إذَا سَلَّمَ مِنْ صَلَاتِهِ فَرَأَى عَلَيْهِ نَجَاسَةً، وَاحْتَمَلَ وُقُوعُهَا فِي الصَّلَاةِ وَحُدُوثُهَا بَعْدَهَا، فَلَا تَلْزَمُهُ إعَادَةُ الصَّلَاةِ بَلْ مَضَتْ عَلَى الصِّحَّةِ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ الْأَصْلُ عَدَمُ النَّجَاسَةِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى اسْتِثْنَائِهَا لِدُخُولِهَا فِي الْقَاعِدَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: تَحَقَّقَ النَّجَاسَةُ وَشَكَّ فِي انْعِقَادِ الصَّلَاةِ ; وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَبَقَاؤُهَا فِي الذِّمَّةِ، فَيَحْتَاجُ إلَى اسْتِثْنَائِهَا. انْتَهَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ،