الأصليَّ، وكان يسعى نحوه مُمسكاً بحشاه من وَجَعِ المعدة حتى صاح به: يرحمك الله وإيّانا، خذ ولدَك بارك اللهُ فيه وأعطِني علّتي، ولكن قُضي الأمرُ، وكان ما لا يكون تبديلُه، ولا يستطاع تحويلُه. . .
يا ابْنَ بُورَانَ لا مَفرَّ مِنَ الل ... هِ ولا مِنْ قَضائِه المَحْتومِ
ورأيتُ أسيراً مقيّداً خُلع قيدُه، وقُلِعَ صفدُه، فاعتاض منه النِّقرسَ ولكن أبدى من التأوُّه والتأفُّف والتلوّي والتنزّي ما دلّ على أنه لم يكن في تجارتِه تلك بالرابحِ الصفقة.
ولقد كان من الممتع اللاذِّ أن تبصرَ ما وقع إذ ذاك من المبادلاتِ والمقايضاتِ، من عِلّةٍ بِخَلَّة وجوعٍ بفقدان شهوة، وهمٍّ وتسهيدٍ، بأسرٍ وتقييد. أما النساء فكُنَّ من تبادل الأعضاء - أعضاء الوجه والجسم - في شغلٍ شاغلٍ، فواحدةٌ تستعيض لِمّةً شمطاءَ، من جلدةٍ سمراء، وثانيةٌ تأخذ عنقاً قصيراً، وتعطي أنفاً كبيراً، وثالثةٌ ترمي عِرْضاً مفضوحاً، وتلتقط وجهاً مقبوحاً، وما منهنَّ إلا من تُدرك في الحال أنّها اعتاضت من سيّئ أسوأ، ومن رديءٍ أرْدأ، وكذلك حالُ سائر الجمع في كل بليّة وآفةٍ، لعلّه لأن ما أصابنا به اللهُ مناسبٌ لمقدار صبرنا واحتمالنا، أو لأنّ كلّ مصيبةٍ تذلِّلها العادة. . .
فقلتُ لها: يا عَزُّ، كلُّ مُصيبةٍ ... إذا وُطِّنَتْ يوماً لها النَّفْسُ ذلَّتِ
ولقد رحمت من صميمِ مهجتي ذلك الأحدبَ الآنفَ الذّكر، إذ راح معتدلَ القامةِ وافيَ الشَّطاط، لكن بداءٍ في كلاه، وعلّةٍ في حشاه، كما رحمت معاقدَه ومبايعَه الذي راح محدودبَ الظهر يَظلَع وسط سربٍ من الفتيات كنَّ قبلُ به مولعاتٍ