للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يرقِّصُ جَمَلَه الآلُ فقال لحاجبه: إن أرادني هذا فأوْصِلْه إليّ، فلما دنا الأعرابي سأله، فقال: قصدت الأمير، فأدخله إليه، فلما

مثل بين يديه قال له عمر: ما خطبك؟ فقال الأعرابي:

أصْلَحَكَ اللهُ قلَّ ما بيَدي ... فما أُطيقُ العِيالَ إذْ كَثُرُوا

أَلحَّ دَهْرٌ أنحَى بكَلْكلِه ... فأرْسَلُوني إليك وانتَظَرُوا

رَجَوْكَ لِلدَّهْرِ أنْ تكونَ لهم ... غَيْثَ سحابٍ إن خانَهُم مَطَرُ

فأخذت عمرَ الأريحيةُ، فجعل يهتزُّ في مجلسه، ثم قال: أرسلوك إليَّ وانتظروا! إذن والله لا تجلس حتى ترجع إليهم غانِماً. وأمر له بألف دينار، وردّه على بعيره. . قال المبرّد: وحُدِّثتُ أن الخبر لمعن بن زائدة. أقول: وقد أورده ابن خلكان منسوباً لمعن.

وهذا معن بن زائدة هو الآخر له في المكارم غُررٌ وأوضاحٌ، وهو أشهر في باب الأريحية والجود والإقدام والحلم من أن ينوّه به، وهو معن بن زائدة الشيباني، كان في أيام بني أمية متنقلاً في الولايات، ومنقطعاً إلى يزيد بن عمرَ بن هبيرة والي العراقين، فلما أدال من بني أمية بنو العباس، وجرى بين أبي جعفر المنصور وبين يزيد بن عمر المذكور ما جرى، أبلى يومئذ معنٌ مع يزيدَ بلاءً حسناً، فلما قتل يزيد خاف معن من أبي جعفر المنصور، فاستتر عنه مدة وجرى له مدة استتاره غرائبُ، وهنا يحدثنا شاعره الفحل مروان بن حفصة بحديث طريف من هذه الغرائب. قال: