للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأولى القولين بالصواب القول الأول، وذلك لموافقته رسم المصحف في إثبات الألف في «تنسى»، فدل عدم حذفها على أنها ليست ناهية؛ إذ لو كانت ناهية لحذفت الألف علامة للجزم. وأما توجيه ثبوتها بأنها مزيدة للفاصلة فهذه دعوى مرتهنة بإقامة الحجة عليها، لما فيها من مخالفة الأصل (١).

ويؤيد هذه القاعدة فيما رجحته في هذا المثال قول الله تعالى. {لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧) فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (١٨) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ} (١٩) [القيامة: ١٦ - ١٩].

ورجح ما رجحته القاعدة جماعة من أئمة التفسير منهم الطبري (٢)، والكرماني (٣)، والرازي (٤)، والقرطبي (٥)، وأبو حيان (٦)، وغيرهم - عليهم رحمة الله - فمنهم من صرح بالقاعدة أثناء ترجيحه بها، ومنهم من لم يصرح بها.

قال أبو حيان: والقول بأن «لا» في «فلا تنسى» للنهي، والألف ثابتة لأجل الفاصلة، قول ضعيف، ومفهوم الآية في غاية الظهور، وقد تعسفوا في فهمها.

اهـ‍ (٧).


(١) انظر مفاتيح الغيب (٣١/ ١٤٢).
(٢) انظر جامع البيان (٣٠/ ١٥٤).
(٣) انظر غرائب التفسير وعجائب التأويل (٢/ ١٣٣٠). والكرماني هو: محمود بن حمزة الكرماني، النحوي، المفسر، المعروف بتاج القراء، له «لباب التفسير» و «غرائب التفسير» وغيرها، كان في حدود الخمسمائة، ومات بعدها. طبقات المفسرين (٢/ ٣١٢).
(٤) انظر مفاتيح الغيب (٣١/ ١٤٢).
(٥) انظر الجامع لأحكام القرآن (٢٠/ ١٩).
(٦) البحر المحيط‍ (١٠/ ٤٥٧).
(٧) البحر المحيط‍ (١٠/ ٤٥٧).
* ومن نظائر هذين المثالين:
١ - ما جاء في إعراب قوله تعالى: ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا (٦٩) [مريم: ٦٩]. انظر معاني القرآن وإعرابه للزجاج (٣/ ٣٣٩)، وإعراب القرآن للنحاس (٣/ ٢٤)، ومشكل إعراب القرآن (٢/ ٤٥٨) والبحر المحيط‍ (٧/ ٢٨٧)، والدر المصون (٧/ ٦٢٠)، ومغني اللبيب -

<<  <  ج: ص:  >  >>