للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعض الأمور، إلا أنه في هذه المسألة ورد الرسم العثماني موافقا لذلك المصطلح، وذلك برسم الألف بعد واو الجماعة في جميع القرآن إلا في صورة واحدة لم يرسم فيها الألف بعد الواو، وهي إذا سبقت الواو بهمزة فكانت من قبيل مد البدل مثل «جاءو» و «فاءو» ونحوها، وهذا المثال ليس منها، فإخراج هذه الآية مما عمّ استعماله في رسم المصحف، وإبعادها عن نظائرها تحكم بلا دليل.

قال الألوسي - في تفسير هذه الآية بعد أن ذكر القولين -: وقيل إنه يبعد كون الضمير مرفوعا عدم إثبات الألف بعد الواو، وقد تقرر في علم الخط‍ إثباتها بعدها في مثل ذلك وجرى عليه رسم المصحف العثماني في نظائره، وكونه هنا بالخصوص مخالفا لما تقرر، ولما سلك في النظائر بعيد كما لا يخفى. اهـ‍ (١).

٢ - ومن أمثلة هذه القاعدة - أيضا - ما جاء في تفسير قوله تعالى: {سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى} (٦) [الأعلى: ٦] اختلف العلماء في «لا».

فقال الجمهور: هي «لا» النافية. فتكون الجملة إخبارا من الله - تعالى - لنبيه صلّى الله عليه وسلّم أنه يعلمه هذا القرآن ويحفظه عليه فلا ينساه إلا ما شاء الله، فإنه ينساه إما بنسخ (٢)، وإما على أن يتذكر بعد ذلك النسيان (٣).

وقال آخرون: هي «لا» الناهية. أي ينهى الله نبيّه صلّى الله عليه وسلّم أن ينسى القرآن الذي أقرأه إياه. والمعنى: لا تغفل عن قراءته وتكراره فتنساه إلا ما شاء الله أن ينسيكه برفع تلاوته للمصلحة (٤).


(١) روح المعاني (٣٠/ ٨٨).
(٢) كما قال تعالى: * ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها [البقرة: ١٠٦].
(٣) مما يعرض للحافظة البشرية أحيانا ثم يقيض الله له ما يذكّره، ومثل هذا حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: سمع النبي صلّى الله عليه وسلّم رجلا يقرأ من الليل بالمسجد، فقال: «يرحمه الله لقد أذكرني كذا وكذاآية أسقطتهنّ أو كنت أنسيتها من سورة كذا وكذا»، أخرجه البخاري، كتاب الشهادات، باب شهادة الأعمى وأمره ونكاحه
انظر الصحيح مع الفتح (٥/ ٣١٢)، وأخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافر حديث رقم (٢٢٤).
(٤) انظر جامع البيان (٣٠/ ١٥٤)، والنكت والعيون (٦/ ٢٥٣)، والمحرر الوجيز (١٦/ ٢٨٢)، وغيرها من كتب التفسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>