للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بطنا، ولم يقتصروا على ذلك بل تمادوا وادعوا أن الله - تعالى - جعل ظاهر القرآن في الدعوة إلى التوحيد والنبوة والرسالة، وجعل باطنه في الدعوة إلى الإمامة والولاية وما يتعلق بهما … ومن نتائج هذا التفسير الباطني للقرآن أن وجد القائلون به أمام أفكارهم مضطربا بالغا ومجالا رحبا، يتسع لكل ما يشاؤه الهوى وتزينه لهم العقيدة فأخذوا يتصرفون في القرآن كما يحبون وعلى أي وجه يشتهون (١).

فليس هناك ضابط‍ لتأويلاتهم، ولا تدل عليه ألفاظ‍ القرآن الكريم بأي نوع من أنواع الدلالة، بل هو مبني على ما تمليه عليهم عقيدتهم وأذواقهم ومشاربهم، فمثل هذه التأويلات لظاهر ألفاظ‍ القرآن مردودة على صاحبها - ولا كرامة - بهذه القاعدة المسلّمة عند أهل السنة والقرآن.

وهناك أمثلة تبين شيئا من تلك الضلالات والهدم لمدلولات ألفاظ‍ القرآن الكريم.

يقول مفسرهم عن قوله تعالى: {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} (١٧) [الرحمن: ١٧]:

المشرقين رسول الله وعلي - صلوات الله عليهما - والمغربين الحسن والحسين - عليهما السلام -.

وعند قوله تعالى: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ (١٩) بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ (٢٠) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٢١) يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ} (٢٢) [الرحمن: ١٩ - ٢٢] يقول مفسرهم: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ} علي وفاطمة - عليهما السلام - {بَيْنَهُما بَرْزَخٌ} محمد صلّى الله عليه وسلّم {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ} (٢٢) الحسن والحسين - عليهما السلام - (٢).

فأين هذا التفسير من ظاهر هذه الآية! تحطيم كامل لمدلولات ألفاظ‍ القرآن الكريم.

وكقول مفسرهم في قوله تعالى: {ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ}


(١) انظر التفسير والمفسرون (٢/ ٢٨ - ٣٠).
(٢) انظر تفسير نور الثقلين للحويزي (٥/ ١٩٠ - ١٩١)، وتفسير الميزان لطباطبائي (١٩/ ١٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>