للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا المعنى الذي دلّت عليه، وهو سكر الخمر مقدم في تفسيرالآية - ولا شك - وهو المراد قطعا، وحمل الآية على ظاهر اللفظ‍، ودلالته الظاهرة هو المتعين، وإن صح اعتبار وقياس سكرة النوم عليه - كما هو قول الضحاك - قياسا لا تفسيرا لنفس لفظ الآية كما ذكر شيخ الإسلام.

ثالثا: تفاسير المتكلمين وأهل التأويل:

وقد ذهب هؤلاء إلى صرف نصوص القرآن والسنة عن ظاهرها فيما يتعلق بصفات الباري - سبحانه -.

قال أبو حامد الغزالي (١): كل خبر مما يشير إلى إثبات صفة الباري يشعر ظاهره بمستحيل في العقل، نظر، إن تطرق إليه التأويل قبل وأوّل، وإن لم يندرج فيه احتمال تبين على القطع كذب الناقل. اهـ‍ (٢).

وقرر ذلك الرازي في أساس التقديس، وكذلك في مواضع متعددة من تفسيره (٣).

وإن كان هؤلاء في الجملة ممن يقولون بهذه القاعدة ويقررونها، إلا أنهم يخالفون في تطبيقها، فهم محجوجون بها. فهم يعتقدون معتقدا ويصرفون ظواهر الكتاب والسنة لتوافق معتقدهم، حيث أحال العقل عندهم اتصاف الله - تعالى - بتلك الصفات التي نفوها عنه - سبحانه -، فهم أرادوا حمل ألفاظ‍ القرآن على ما اعتقدوا، وهذا منشأ الخطأ وأصل الضلال، وقد نبه شيخ الإسلام ابن تيمية إلى هذا الأصل بقوله:

وأمّا النوع الثاني من مستندي الاختلاف وهو ما يعلم بالاستدلال لا بالنقل، فهذا أكثر


(١) هو: محمد بن محمد بن محمد الطّوسي الغزالي، صاحب التصانيف، غلب عليه التصوف والفلسفة، قال فيه أبو بكر بن العربي: شيخنا أبو حامد بلع الفلاسفة وأراد أن يتقيّأهم فما استطاع. اهـ‍ توفي سنة خمسة وخمسمائة. سير أعلام النبلاء (١٩/ ٣٢٢)، وشذرات الذهب (٤/ ١٠).
(٢) المنخول من تعليقات الأصول ص ٢٨٦.
(٣) انظر تفسيره (٢٢/ ٧) و (٢٩/ ٢٨١) و (٣٠/ ٩٤) وغيرها، وأساس التقديس ص ٩١ - ١٩١ - ١٩٣ - ٢٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>