للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما فيه الخطأ من جهتين - حدثتا بعد تفسير الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان - إحداهما: قوم اعتقدوا معاني ثم أرادوا حمل ألفاظ‍ القرآن عليها. - فهؤلاء - راعوا المعنى الذي رأوه من غير نظير إلى ما تستحقه ألفاظ‍ القرآن من الدلالة والبيان ..

تارة يسلبون لفظ‍ القرآن ما دل عليه وأريد به وتارة يحملونه على ما لم يدل عليه ولم يرد به، وفي كلا الأمرين قد يكون ما قصدوا نفيه أو إثباته من المعنى باطلا، فيكون خطؤهم في الدليل والمدلول، وقد يكون حقا فيكون خطؤهم في الدليل لا في المدلول .. فالذين أخطأوا في الدليل والمدلول - مثل طوائف من أهل البدع - اعتقدوا مذهبا يخالف الحق الذي عليه الأمة الوسط‍ الذين لا يجتمعون على ضلالة، كسلف الأمة وأئمتها، وعمدوا إلى القرآن فتأوّلوه على آرائهم. تارة يستدلون بآيات على مذهبهم ولا دلالة فيها، وتارة يتأوّلون ما يخالف مذهبهم بما يحرفون به الكلم عن مواضعه، ومن هؤلاء فرق الخوارج (١)، والروافض، والجهمية (٢)، والمعتزلة (٣)، والقدرية (٤)، والمرجئة، وغيرهم. اهـ‍ (٥). والذي ألجأهم إلى هذا المعتقد أنهم


(١) هي: فرقة ضالة أجمعت على إكفار علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أن حكّم، وأجمعوا على أن كل كبيرة كفر، وصاحبها مخلد في النار. ثم أطلق لقب الخوارج على كل من خرج على الإمام الحق الذي اتفقت الجماعة عليه. انظر مقالات الإسلاميين (١/ ١٦٧)، والملل والنحل (١/ ١٣١).
(٢) هم: أتباع جهم بن صفوان الذي قال بالإجبار، وأنكر الاستطاعات كلها، ونفى الصفات، وزعم أن الجنة والنار تبيدان وتفنيان، وزعم أن الإيمان هو المعرفة بالله فقط‍، وأن الكفر هو الجهل به فقط‍، ومخازيه كثيرة. انظر الفرق بين الفرق ص ١٩٩، والملل والنحل (١/ ٩٧).
(٣) هم: أتباع واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد، وسبب تسميتهم: أن واصل بن عطاء لما قال في الفاسق: لا مؤمن ولا كافر، طرده الحسن البصري من مجلسه، فلحق بعمرو بن عبيد واعتزلا مجلس الحسن. من أشهر بدعهم نفي الصفات والقول بخلق القرآن، ونفي القدر، والقول بأن مرتكب الكبيرة بين المنزلتين، ومخازيهم كثيرة. انظر الفرق بين الفرق ص ١٥ - ٩٣، والملل والنحل (١/ ٥٦).
(٤) هم: الذين يزعمون أن العبد يخلق فعله، فأثبتوا خالقا مع الله، وسموا بالقدرية لكلامهم في القدر وإنكارهم له. وهم مجوس هذه الأمة كما جاءت الآثار بذلك. انظر الملل والنحل (١/ ٥٦).
(٥) مجموع الفتاوى (١٣/ ٣٥٥ - ٣٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>