للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يشركون بالشيطان. ولو كان معنى الكلام ما قاله الربيع (١) لكان التنزيل: الذي هم مشركوه، ولم يكن في الكلام به. فكان يكون لو كان التنزيل كذلك، والذين هم مشركوه في أعمالهم، إلا أن يوجه موجه معنى الكلام، إلى أن القوم كانوا يدينون بألوهه الشيطان، ويشركون الله به في عبادتهم إياه، فيصح حينئذ معنى الكلام، ويخرج عما جاء التنزيل به في سائر القرآن، وذلك أن الله - تعالى - وصف المشركين في سائر سور القرآن أنهم أشركوا بالله، ما لم ينزل به عليهم سلطانا، وقال في كل موضع تقدّم إليهم بالزجر عن ذلك، لا تشركوا بالله شيئا، ولم نجد في شيء من التنزيل: لا تشركوا الله بشيء، ولا في شيء من القرآن، خبرا من الله عنهم أنهم أشركوا الله بشيء، فيجوز لنا توجيه معنى قوله: {وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ} (١٠٠) [النحل: ١٠٠] إلى والذين هم بالشيطان مشركو الله، فبين إذا إذ كان ذلك كذلك، أن الهاء في قوله: {وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ} عائدة على الرب في قوله:

{وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} (٩٩) [النحل: ٩٩]. اهـ‍ (٢).

٣ - ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية: قال - في معرض ترجيحه لتفسير السلف في قوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ} [القصص: ٨٨] بأنه: كل شيء هالك إلا ما أريد به وجهه (٣).


(١) قال الربيع: أشركوا الشيطان في أعمالهم. والربيع هو: الربيع بن أنس بن زياد البكري الخرساني، كان عالم مرو في زمانه، سجن بمرو ثلاثين سنة، وسمع منه ابن المبارك، توفي سنه تسع وثلاثين ومائة.
سير أعلام النبلاء (٦/ ١٦٩).
(٢) جامع البيان (١٤/ ١٧٥ - ١٧٦).
(٣) قال فضيلة شيخنا الشيخ مناع القطان - رحمه الله -: وهذا لا يتعارض مع ما ذكره شيخ الإسلام في العقيدة الواسطية من الاستدلال بالآية - وَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ - على إثبات صفة الوجه لله - تعالى - على ما يليق به، لأن إضافة الوجه إلى الله - تعالى - أو إلى ضميره يحمل فيها الوجه على الحقيقة بما يليق به - سبحانه -، أما المعنى الإسنادي للجملة وحمل المراد به على ما أريد به وجه الله فإنه لا يعارض ذلك، فإن السلف يفسرون المعنى الإسنادي

<<  <  ج: ص:  >  >>