للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورده لتفسير المتكلمة (١) والمتصوفة (٢) ومن وافقهم بأن معنى الآية: كل ممكن هو باعتبار ذاته هالك .. وإنما له الوجود من جهة ربه.

قال: الوجه الخامس: أن يقال: اسم الوجه في الكتاب والسنة، إنما يذكر في سياق العبادة له والعمل له، والتوجه إليه، فهو مذكور في تقرير ألوهيته، وعبادته وطاعته لا في تقرير وحدانية كونه خالقا وربا … ولهذا: قدمت في مثل قوله: {إِيّاكَ نَعْبُدُ وَإِيّاكَ نَسْتَعِينُ} (٥) وفي مثل قوله: {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} [هود: ١٢٣].

وقال تعالى: {وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى (١٩) إِلاَّ ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى} (٢٠) [الليل: ١٩ - ٢١]. وقال تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً (٨) إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً} (٩) [الإنسان: ٨ - ٩] وقال تعالى:

{وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الأنعام: ٥٢].

وإذا كان كذلك كان حمل اسم الوجه في هذه الآية: على ما يدل عليه في سائر الآيات أولى من حمله على ما [لا] (٣) يدل عليه لفظ‍ الوجه في شيء من الكتاب


=باللازم ولا ينفون حقيقة الصفة، وهذا لا بأس به بخلاف من يفسرون باللازم وينفون الصفة. اهـ‍ كما قال السيوطي في الإتقان (٣/ ٢٠): كل صفة يستحيل حقيقتها على الله تفسّر بلازمها. اهـ‍ فاتخذوا التفسير باللازم وسيلة إلى نفي الصفة عن الباري - سبحانه -. على عكس طريقة السلف فهم يثبتون الصفة حقيقة وإن فسروا باللازم.
(١) المتكلمة وأهل الكلام سموا بذلك نسبة إلى المنهج الذي سلكوه وهو الأخذ بعلم الكلام في منهج جدلي منطقي ومقدمات ودلائل وطرق مبتدعة ادعوا أنها أحسن الطرق لمعرفة الله - تعالى - ودين الإسلام. وكان السلف من أشد الناس نفرة وتنفيرا من الكلام وأهله. وممن سلك هذا المنهج الجهمية والمعتزلة والأشاعرة والماتريدية. انظر لوامع الأنوار البهية (١/ ٤) ومجموع فتاوى ابن تيمية (٢٣/ ٢، ٦٩) والعقيدة السلفية ص ٢٢.
(٢) سموا بذلك نسبة إلى لبس الصوف، وهم طوائف وطرق متعددة، وكان أصل التصوف في أول أمره زهدا في الدنيا وانقطاعا لعبادة الله، ثم انحرف وتحول إلى خرافات وبدع وضلالات اعتقادية وقولية وعملية، بل وصل بعضه إلى إلحاد وزندقة وقول بوحدة الوجود. اعتقادات فرق المسلمين والمشركين للرازي ص ٩٧ ومجموع فتاوى ابن تيمية (١١/ ١٩) وما بعدها.
(٣) ما بين المعقوفين سقط‍ من المطبوع، ولا يستقيم الكلام إلا به. أفاده شيخنا مناع القطان - رحمه الله - وشيخنا صالح آل الشيخ - حفظه الله -.

<<  <  ج: ص:  >  >>