للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القاعدة التالية فهي تقديم له على غيره دون إلزام بالمصير إليه.

واقتضى المقام هنا تفصيل القول فيه؛ لأجل أنه وارد مورد التفسير للآية؛ لكن قيد الثبوت لم يتحقق فضعفت مرتبته في الترجيح فاستحق درجة أقلّ من هذه القاعدة فألحق بالقاعدة التالية.

وقولي: «وكان نصا في تفسيرالآية» أعني به أمرين:

أحدهما: أن يكون الحديث مسوقا في تفسير ألفاظ الآية، سواء أكان جوابا عن سؤال، أم رفع إشكال ظهر لبعض الصحابة فيها، أو فسّرها صلّى الله عليه وسلّم ابتداء بتلاوتها ثم بيان معناها، أو بذكر معناها ثم تلاوتها.

فتعلّق الأمر بتفسير ألفاظ الآية دون بيان وتفسير أحكامها، كما بيّن النبي صلّى الله عليه وسلّم صفة الصلاة، وصفة الحج وأنصباء الزكاة، ومقاديرها، ونحو ذلك، فمثل هذه البيان غير داخل تحت هذه القاعدة؛ لأنه غير متعلق بتفسير ألفاظ الآية. ومما لا يدخل تحت هذه القاعدة ما ورد في غير تفسير ألفاظ الآية، ووافق معناها، أو أحد الأقوال المقولة فيها؛ لأنه إذا كان كذلك كان مؤيدا للمعنى الذي ظهر منها، لا نصا في تفسيرها.

وسيأتي هذا في القاعدة التالية - إن شاء الله تعالى -.

الآخر: اصطلاح الأصوليين في لفظ‍ «النص»: وهو ما يفيد بنفسه من غير احتمال.

وقد يطلق على الظاهر - وهو: ما احتمل معنيين هو في أحدهما أظهر - ولا مانع منه، فإن النص في اللغة بمعنى الظهور (١).

وخرج بهذا ما إذا كان التفسير النبوي عاما أو مجملا، كتفسير القوة في قوله تعالى:

{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: ٦٠] بالرمي (٢).


(١) شرح روضة الناظر لبدران (٢/ ٢٧ - ٢٨ - ٢٩).
(٢) أخرجه مسلم من حديث عقبة بن عامر الجهني في كتاب الإمارة، حديث رقم (١٦٧)، ولفظه:
قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو على المنبر يقول: «وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ألا إن القوّة الرّمي ألا إن القوة الرّمي ألا إن القوة الرّمي».

<<  <  ج: ص:  >  >>